"ومن ذلك حنين الجذع" المعهود الذي كان يخطب عليه، "شوقًا إليه -صلى الله عليه وسلم" لما فارقه وخطب على المنبر. "اعلم أن الحنين،" بفتح المهملة ونونين، بينهما تحتية، ساكنة، صوت كالأنين يكون عند الشوق لمن يهواه إذا فارقه, وتوصّ به الإبل كثيرًا، "مصدر مضاف إلى الفاعل" أي: إن الجزع حنَّ، "والمراد" بحنينه: "شوقه وانعطافه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم"؛ لأن الحنين اشتياق المرأة إلى ولدها، فشبَّه سوق الجذع بالمرأة على ما يفهم من قصر المصباح، الحنين على ذلك، والحنان على غيرها، لكن قال الجوهري: الحنين: الشوق وتوقان النفس، تقول: حنّ إليه يحنُّ حنينًا. وفي القاموس: الحنين: الشوق وشدة البكاء، والطرب أو هو صوت الطرب عن حزن أو فرح، وعليه فه بيان للمعنى المقصود بالحنين هنا، من جملة المعاني المذكورة، والذي في الأحاديث المسوقة هنا أنه صوت" فتفسيره بالشوق لا تعرض له في الأحاديث, "و" لكن "لعل المراد منه" أي: الصوت: "الدلالة على الشوق" للمصطفى، أي: الصوت الدال على شوقه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المتبادر أنه بالخفض تفسير للشوق، فيصير المعنى، ولعلَّ المراد من الصوت الدلالة على الصوت؛ لأنَّه جعل تفسيرًا للشوق، وهذا لا معنى له، اللهمَّ إلّا أن يقرأ الصوت بالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: فالمراد من الحنين الصوت الدال على شوقه, ويكون بيانه لحاصل المعنى، "والجذع" بكسر الجم" "واحد جذوع النخل" وهو ساق النخلة، كما في القاموس وغيره، "وهو بالذال المعجمة", وظاهره كان أخضر أو يابسًا، وقيل: يختص باليابس, ولا دلالة في {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} على الإطلاق؛ لأن كونه يابسًا يدل للتقييد على أنه لا دلالة فيه لواحد من القولين؛ لأن الواقع أنه كان يابسًا. قال البيضاوي: الجذع ما بين العرق والغصن، وكانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا خضرة. "وقد روي حديث حنين الجذع عن جماعة من الصحابة من طرق كثيرة، تفيد القطع بوقوع ذلك" فهو متواتر، فلا يليق تعبيره بروي ممرضًا؛ لأنه إنما يستعمل فيما يشك فيه، لا في الصحيح، فضلًا عن المتواتر، ولو أسقط عن، وجعل جماعة فاعل روى ببنائه للفاعل لم يرد عليها هذا.