للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشبَّه آثار مشي الشجرة لما جاءت إليه -صلى الله عليه وسلم- بكتابة كاتب أوقعها على نسبة معلومة في أسطر منظومة.

وإذا كانت الأشجار تبادر لامتثال أمره -صلى الله عليه وسلم- حتى تخر ساجدة بين يديه، فنحن أَوْلَى بالمبادرة لامتثال ما دعا إليه, زاده الله شرفًا وكرمًا لديه.

وتأمَّل قول الأعرابي: "ائذن لي أن أسجد لك" لما رأى من سجود الشجرة، فرأى أنه أحرى بذلك، حتى أعلمه -عليه الصلاة والسلام- أن ذلك لا يكون إلّا لله، فحق على كل مؤمن أن يلازم السجود المعبود، ويقوم على ساق العبودية، وإن لم يكن له قدم كما قامت شجرة.


إطلاق اسم أحد الضدين على الآخر؛ ليناسب قوله في الحديث المارّ. فتقطعت عروقها، وإن كان الفرع لغة من كل شيء أعلاه، "من بديع الخط" بيان لما، والإضافة بيانية، أو هي من إضافة الصفة للموصوف، أي: الخط المبتدع؛ لأنه لم يعهد مثله للأشجار "في اللقم،" بفتح اللام والقاف، وبضم اللام وفتح القاف: الطريق أو وسطه، كما في القاموس، "فشبَّه آثار مشي الشجر لما جاءت إليه -صلى الله عليه وسلم" المفيدة للخيرات، "بكتابة كاتب، أوقعها على نسبة معلومة في أسطر منظومة" منشقَّة، ووجه التشبيه أن الخط دالٌّ على اللفظ المفيد للمعاني، وآثار مشي فروع الشجرة في الأرض مفيد للخيرات، فالتشبيه من حيث الفائدة، "وإذا كانت الأشجار تبادر لامتثال أمره -صلى الله عليه وسلم- حتى تخر ساجدة بين يديه، فنحن أَوْلَى" أحق "بالمبادة لامتثال ما دعا إليه" لأنَّا عقلاء، مكلفون، وهي جماد غير مكلف، "زاده الله شرفًا وكرمًا لديه" عنده.
"وتأمَّل قول الأعرابي: ائذن لي أن أسجد لك" بكسر اللام وخفة الميم، أي: للأمر العظيم الذي "رأى من سجود الشجرة" بيان لما، "فرأى أنه أحرى" أولى بذلك منها، "حتى أعلمه -عليه الصلاة والسلام- أن ذلك" أي: السجود، لا يكون إلّا لله, فحق على كل مؤمن أن يلازم السجود للرب المعبود، ويقوم على ساق العبودية، وإن لم يكن له قدم" يقوم عليه، بأن كان كسيحًا، أو قدم معنوي، كما قامت الشجرة" على ساقها، طاعة للمصطفى، وهي عبودية لله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>