للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يصانع قائدة، ثم فعل بالأخرى كذلك، حتى إذا كان بالمصنف بينهما قال: "التئما علي بإذن الله" فالتأمتا. الحديث رواه مسلم.

والمنصف -بفتح الميم: الموضع الوسط بين الموضعين.

والتلاؤم: الاجتماع.

ولله در الأبو صيري حيث قال:

جاءت لدعوته الأشجار ساجدة ... تمشي إليه على ساق بلا قدم

كأنما سطرًا لما كتبت ... فروعها من بديع الخط في اللقم


والسهولة، "الذي يصانع" يلاين "قائده" بسهولة الانقياد له، مستعار من المصانع وهي المدارة والإعطاء، ولذا قيل للرشوة مصانعه، قاله الراغب، "ثم فعل بالأخرى كذلك" بأن أمسك غصنًا منها إلى آخره"حتى إذا كان بالمصنف بينهما،" أي: الشجرتين، قال: "التئما" بفتح الفوقية، وكسر الهمزة: انضمَّا واجتمعا "علي بإذن الله" بتيسيره، وإرادته، لا بفعلي، "فالتأمتا" اجتمعتا "الحديث. رواه مسلم" في الصحيح، "والمصنف -بفتح الميم، وإسكان النون وفتح الصاد المهملة الخفيفة، وبالفاء: "الموضع الوسط بين الموضعين والتلاؤم -بالهمز والالتئام: "الاجتماع", ومنه التئام الجرح، وفي رواية أخرى عند مسلم: فقال -صلى اله عليه وسلم: "يا جابر، قل لهذه الشجرة: يقول لك رسول الله: الحقي بصاحبتها حتى أجلس خلفكما" فزحفت حتى لحقت بصاحبتها فجلس خلفهما، فرجعت أحضر، وجلست أحدث نفسي، فالتفَّت، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والشجرتان قد افترقا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فوقف -صلى الله عليه وسلم- وقفة، فقال برأسه هكذا يمينًا وشمالًا، وهو حديث واحد طوَّله بعض الرواة وبعضهم اختصره، فكأنه لما أخذ بغصن إحداهما، قال لجابر: "قل لهذه الشجرة" إلخ.... فلمَّا جاءت فعل بها مثل ما فعل بالأخرى, وبقي أحاديث أخر في طاعة الأشجار وانقيادها, أورد منها في الشفاء جملة، ثم قال: فهذا ابن عمر، وبريدة، وجابر وابن مسعود، ويعلى بن مرة، وأسامة، وأنس، وعلي، وابن عباس وغيرهم، قد اتفقوا على هذه القصة نفسها أو معناها، ورواه عنهم من التابعين أضعافهم, فصارت في انتشارها من القوة حيث هي، "ولله در الأبوصيري" صوابه البوصيري، كما تقدَّم كثيرًا، "حيث قال: جاءت لدعوته" ندائه "الأشجار، ساجدة" خاضعة، "تمشي إليه على ساق بلا قدم" يعينها على المشي، قال تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} الآية، والشجر ما له ساق، والنجم ما لا ساق له، وبلا قدم، متعلق بتمشي، أو صفة لساق، وباؤه للمصاحبة "كأنما" حال من فاعل تمشي، وما كافَّة, "سطرت" خَطَّت الأشجار "سطرًا لما" للذي "كتبت فروعها" أي: عروقها مجازًا من

<<  <  ج: ص:  >  >>