للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم رجعت إلى مكانها، فلمَّا استيقظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم, ذكرت له، فقال: "شجرة استأذنت ربها في أن تسلم علي فأذن لها". الحديث رواه البغوي في شرح السنة.

وفي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري: سرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى نزلنا واديًا أفيح، فذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم, فلم ير شيئًا يستتر به، فإذا شجرتان في شاطيء الوادي, فانطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى إحداهما, فأخذ بغصنٍ من أغصانها فقال: "انقادي عليّ بإذن الله تعالى" فانقادت معه كالعبير المخشوش...........................


"تشق الأرض حتى غشيته،" وفي رواية: طافت به، أي دارت حوله، "ثم رجعت إلى مكانها" موضعها الذي هي نابتة فيه، "فلمَّا استيقظ انتبه "رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ذكرت له" ذلك، "فقال: "شجرة استأذنت ربها في أن تسلم علي فأذن لها" , فيه إشعار بعلمه، مجيئها قبل إخبار يعلى له به، ولعله علم ذلك في نومه؛ لأنه كان يوحى إليه فيه فتكون الشجرة حين زارته سلمت عليه، وعلم بها، فحصلت مقصودها، "الحديث رواه البغوي" الإمام الفقيه، الحافظ أبو محمد، الحسين بن مسعود بن محمد، صاحب المصنفات، المبارك له فيها القصد الصالح، فإنه كان من العلماء الربانيين، ذا تعبد ونسك وقناعة باليسير، مات بمرو سنة ستة عشرة وخمسمائة عن ثمانين سنة، "في شرح السنة" أحد تصانيفه، وهو حديث طويل، رواه الإمام أحمد، والطبراني، والبيهقي.
"وفي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري: سرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم" في غزاة حتى نزلنا واديًا أفيح،" بفتح الهمزة، وسكون الفاء، وفتح التحتية، وبالحاء المهملة، أي: واسعًا، فذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته" كناية عن التغوّط، اي: لأجل ذلك، "فاتبعته بإداوة" بالكسر مطهرة، جمعها إداوي -بفتح الواو "من ماء, فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم" فلم ير شيئًا يستتر به" من الناس, "فإذا شجرتان" فاجأتاه بلا ترقب، وفي رواية: بشجرتين، بزيادة الباء "في شاطيء الوادي،" بالهمز: جانبه، "فانطق" توجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أحداهما" حتى قرب منها "فأخذ بغصن من أغصائها"، أي: أمسكه بيده، "فقال: "انقادي" طاوعيني، أو ميلي "علي" لتكوني ساترة لي "بإذن الله تعالى" تيسيره وتسهيله لا بقوة جذبي، "فانقادت معه:" طاوعته ومالت حتى سترته، كما أراد، وإنما أمسك غصنها, ولم يكتف بمجرد دعوتها، كما في الحديث قبله؛ لأن ذلك كان الإظهار معجزة، حتى يسلم الإعرابي، وهنا لم يقصد ذلك، "كالبعير المخشوش" بمعجمات اسم مفعول، أي: الذي وضع في أنفه خشاش بالكسر، أي: عود من خشب لينقاد بسهولة، فإن كان مفتولًا من وبر ونحوه فخزام، ومن نحاس فبرّة. قاله الخطابي وبه علم موقع المخشوش دون المخزوم؛ لأن الغصن من جنس العود، وهو تشبيه في السرعة

<<  <  ج: ص:  >  >>