"ثم سرية محمد بن مسلمة،" بفتح الميم واللام، الأنصاري الأوسي، أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو عبد الله شهد بدرا والمشاهد كلها، وكان من فضلاء الصحابة، وهو أكبر من اسمه محمد فيهم، ولد قبل البعثة باثنتين وعشرين سنة في قول الواقدي، وهو ممن سمي محمدا في الجاهلية ومات بالمدينة في صفر سنة ثلاث وأربعين. والإضافة بيانية، أي: السرية التي هي محمد، "وأربعة معه،" سيأتي أسماؤهم، وخص بالذكر لأنه الأمير عليهم والملتزم لقتل كعب، وإطلاق السرية عليهم، على قول ابن السكيت وغيره، أن مبدأها خمسة، كما مر "إلى كعب بن الأشرف،" بفتح الهمزة، وسكون المعجمة، وفتح الراء وبالفاء "اليهودي" حلفا. قال ابن إسحاق وغيره: كان عربيا من بني نبهان، وكان أبوه أصاب دما في الجاهلية، فأتى المدينة، فحالف بني النضير، فشرف فيهم، وتزوج عقيلة بنت أبي الحقيق، فولدت له كعبا، وكان طويلا جسيما ذا بطن وهامة، شاعرا مجيدا، ساد يهود الحجاز بكثرة ماله، فكان يعطي أحبار يهود ويصلهم، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، جاءه أحبار اليهود من بني قينقاع، وبني قريظة لأخذ صلته على عادتهم، فقال لهم: "ما عندكم من أمر هذا الرجل؟ "، قالوا: هو الذي كنا ننتظر، ما أنكرنا من نعوته شيئا، فقال لهم: "قد حرمتم كثيرا من الخير، ارجعوا إلى أهليكم، فإن الحقوق في مالي كثير"، فرجعوا عنه خائبين، ثم رجعوا إليه وقالوا له: إنا أعجلنا فيما أخبرناك به أولا، ولما استنبانا علمنا أنا غلطنا، وليس هو المنتظر، فرضي عنهم ووصلهم، وجعل لكل من تابعهم من الأحبار شيئا من ماله، وكانت كما قال ابن سعد: "لأربع عشرة ليلة" أي: في الليلة الرابعة عشر، لما يأتي أن قتله كان ليلا "مضت من ربيع،" بالتنوين، "الأول" وصف تابع له في الإعراب، وتجوز الإضافة من إضافة الشيء إلى نفسه لاختلاف اللفظين، نحو: حب الحصيد، واستعماله بدون شهر مخالف لقول الأزهري: العرب تذكر الشهور كلها مجردة من لفظ شهر إلا شهري ربيع ورمضان، للفرق بين ربيع الشهور والزمان، لاشتراك ربيع بين الشهر والفصل. فالتزموا لفظ شهر في الشهر، وحذفوه في الفصل للفصل، ولم يبال المصنف بذلك تبعا للحافظ، لأمن اللبس هنا لا سيما مع قوله: "على رأس خمسة وعشرين شهرا من الهجرة" النبوية، "روى أبو داود والترمذي من طريق الزهري" محمد بن مسلم بن شهاب، "عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك" الأنصاري، أبي الخطاب المدني، الثقة العالم من رجال الصحيحين، مات في إمارة هشام، "عن أبيه" عبد الله أحد الإخوة الأنصاري، الشاعر المدني الثقة، يقال له: رؤية،