للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحدو بالرجال وأنجشة بالنساء، وقد كان يحدو وينشد القريض والرجز، فقال -عليه الصلاة والسلام -كما في رواية للبراء بن مالك: "عبد رويدك رفقًا بالقوارير" أي: النساء.

فشبههن بالقوارير من الزجاج؛ لأنه يسرع إليها الكسر، فلم يأمن -عليه الصلاة والسلام- أن يصيبهنَّ أو يقع في قلوبهنَّ حداؤه, فأمره بالكف عن ذلك. وفي المثل: الغناء رقية الزنا. وقيل: أراد أن الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واشتدت فأزعجت الراكب وأتعبته، فنهاه عن ذلك؛ لأن النساء يضعفن عن شدة الحركة.


براء, أقسم على ربك, فقال: أقسم عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم، وألحقتني بنبيك، فحمل وحمل الناس معه، فقتل هرمزان من عظماء الفرس، وأخذ سلبة، فانهزم الفرس، وقُتِلَ البراء. رواه الترمذي والحاكم، وذلك في خلافة عمر سنة عشرين، وقيل: قبلها، وقيل: سنة ثلاث وعشرين, "يحدو بالرجال"، وكان حسن الصوت، كما قاله أنس في المستدرك، "وأنجشة بالنساء".
زاد الطيالسي: فإذا اعتقب الإبل، قال -صلى الله عليه وسلم: "يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير"، وقد كان" أنجشة "يحدو وينشد القريض والرجز" الشعر، قال الجوهري: قرض الرجل الشعر، أي: قاله، والشعر قريض، فإن جعل منه فعطف خاصٍّ على عام، وإن جعل غيره فمباين، وفيه خلاف عند العروضيين، "فقال -عليه الصلاة والسلام- كما في رواية للبراء بن مالك" بن النضر: يا "عبد"، فهو منادى بحذف الأداة, "رويدك"، قال ابن مالك: هو اسم فعل بمعنى: أرود، أي: أمهل مصدرًا مضافًا للكاف, "رفقًا بالقوارير".
وفي الصحيحين عن أنس: أن أنجشة حدا بالنساء في حجة الوداع، فأسرعت الإبل، فقال -صلى الله عليه وسلم: "يا أنجشة رفقًا بالقوارير"، "أي: النساء، فشبههن بالقوارير من الزجاج؛ لأنه يسرع إليها الكسر"، كما يسرع الكسر المعنوي إلى النساء، "فلم يأمن -عليه الصلاة والسلام- أن يصيبهنَّ، أو يقع في قلوبهم حداؤه، فأمره بالكف عن ذلك" خوفًا على دينهنَّ، "وفي المثل: الغناء رقية الزنا"، أي: طريقه الموصِّل إليه، "وقيل: أراد أنَّ الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واشتدت، فأزعجت الراكب، وأتعبته، فنهاه عن ذلك؛ لأن النساء يضعفن عن شدة الحركة"، لا خوفًا من وقوعه في قلوبهنَّ.
قال الدماميني: وحمله على هذا قرب إلى ظاهر لفظه من الحمل على الأوّل. انتهى، ويؤيده ما في مسلم عن أنس، كان لرسول الله حادّ حسن الصوت، فقال -صلى الله عليه وسلم- له: "رويدك يا أنجشة، لا تكسر القوارير"، يعني: ضعفة النساء، والتأييد بهذا ليس بالقوي، بل هو محتمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>