للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...............................................................................


بعيد إذا لا تطيب نفسه بتبعيتهم في تسمية ما بناه افتخارًا عليهم، فلما أراد صرف الحج إليها كتب للنجاشي: إني بنيت كنسية باسم الملك لم يكن مثلها قبلها، أريد صرف حج العرب إليها وأمنع الناس من الذهاب لمكة، فلما اشتهر الخبر عند العرب خرج رجل من كنانة مغضبًا فتغوط فيها، ثم خرج فلحق بأرضه، فأغضبه ذلك؛ هذا قول ابن عباس.
وقيل: أججت فتية من العرب نارًا وكان في عمارة القليس خشب مموه فحملتها الريح فأحرقتها فحلف ليهدمن الكعبة، وهو قول مقاتل. وقيل: كان نفيل الخثعمي يتعرض لأبرهة بالمكروه فأمهله حتى إذا كانت ليلة من الليالي لم ير أحدًا يتحرك فجاء بعذرة فلطخ بها قبلتها، وجمع جيفًا فألقاها فيها فأخبر بذلك فغضب غضبًا شديدًا وحلف لينقضن الكعبة حجرًا حجرًا، وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك وسأله أن يبعث إليه فيله محمودًا، فلما قدم الفيل إليه خرج في ستين ألفًا.
وفي سيرة ابن هشام: فلما سمعت العرب بخروجه قطعوه ورأوا جهاده حقًا عليهم، فخرج إليه رجل من ملوك اليمن يقال له: ذو نفر وهو بنون ففاء فراء، فقاتله فهزم هو وأصحابه وأتي به أسيرًا فأراد قتله ثم تركه وحبسه عنده في وثاق ثم مضى، حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلته ومن تبعه من العرب فقاتله، فهزم وأخذ نفيل أسيرًا فهم بقتله، فقال: لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب، فتركه وخرج به يدله حتى إذا مر على الطائف خرج مسعود بن معتب الثقفي في رجال ثقيف، فقالوا: أيها لملك، إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون، ولست تريد هذا البيت -يعنون بيت اللات- إنما تريد الذي بمكة، ونحن نبعث معك من يدلك عليه، فبعثوا معه أبا رغال فخرج حتى إذا بلغ المغمس بطريق الطائف مات أبو رغال فرجمت العرب قبره، فهو القبر الذي يرجم إلى اليوم، ثم أرسل أبرهة خيلا له إلى مكة فأخذت إبلا لعبد المطلب فذهب له فردها عليه، ثم انصرف إلى قريش فأمرهم بالخروج من مكة إلى الجبال والشعاب، ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة، ومعه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده، فقال عبد المطلب:
لا هم أن المرء يمـ ... ـنع رحله فامنع رحالك
وانصر على آل الصليـ ... ـب وعابديه اليوم آلك
لا يغلبن صليبهم ... ومحالهم أبدًا محالك
وزاد بعضهم، بعد البيت الثاني:
جروا جميع بلادهم ... والفيل كي يسبوا عيالك

<<  <  ج: ص:  >  >>