للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما قدم أبرهة ملك اليمن من قِبَل أصحمة النجاشي..................


عمدوا حماك بكيدهم ... جهلًا وما رقبوا جلالك
وأنشد ابن هشام البيت الأول والثالث فقط، وقال: هذا ما صح عندي له منها، ثم أرسل حلقة الباب وانطلق هو ومن معه من قريش إلى الجبال ينظرون ما أبرهة فاعل بمكة، فمنعه الله من دخولها؛ كما يجيء. وقيل: لم يخرج عبد المطلب من مكة بل أقام بها، وقال: لا أبرح حتى يقضي الله قضاءه، ثم صعد هو وأبو مسعود الثقفي على مكان عال لينظر ما يقع، وأبو رغال بكسر الراء وخفة المعجمة واللام وحكمة تقبيح حاله وإظهار شناعة أمره حتى صار يرجم بعد موته دون نفيل أنه إنما جعل نفسه دليله وقاية من القتل؛ فكان كالمكره على ذلك بخلاف أبي رغال، فإن قومه تلقوا أبرهة بالسلم واختاروه دليلا، وقول الشارح دون ذي نفر ونفيله سبق قلم، فما كان ذو نفر دليلا إنما كان أسيرًا معه في الوثاق، كما تلي عليك.
"ولما قدم أبرهة" بفتح الهمزة وسكون الموحدة وفتح الهاء، "ملك اليمن" بكسر اللام بدل من أبرهة "من قبل" بكسر القاف وفتح الموحدة جهة، "أصحمة" بوزن أربعة وحاؤه مهملة، وقيل معجمة، وقيل: بموحدة بدل الميم، وقيل: صحمة بغير ألف، وقيل كذلك لكن بتقديم الميم على الصاد، وقيل: بميم في أوله بدل الألف عن ابن إسحاق في المستدرك للحاكم، والمعروف عن ابن إسحاق الأل ويتحصل من هذا الخلاف في اسمه ستة ألفاظ، لم أرها مجموعة.
"النجاشي" بفتح النون على المشهور، وقيل: تكسر عن ثعلب وتخفيف الجيم، وأخطأ من شددها وتشديد آخره. وحكى المطرزي التخفيف، ورجحه الصغاني، قاله في الإصابة. وفي قوله: على المشهور رد للثاني من قول القاموس تكسر نونه أو هو الأفصح، قيل: أصحمة هذا ومعناه بالعربية، عطية، كما قاله ابن قتيبة وغيره: جد النجاشي الذي كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وسبب ولايته اليمن أن بعض أهلها من أصحاب الأخدود لما أكثر القتل فيهم ملكهم وهو ذو نواس آخر ملوك اليمن من حمير فر إلى قيصر ملك الشام يستغيث به، فكتب له إلى النجاشي ملك الحبشة ليغيثه، فأرسل معه أميرين أرياط وأبرهة بجيش عظيم فدخلوا اليمن وقتلوا ملكه واستولوا عليه، ثم اختلفا وتقاتلا فقتل أرياط بعد أن شرم أنف أبرهة وحاجبه وعينه وشفته، فبذلك سمي الأشرم فداوى جراحه فبرئ، واستقل بالملك فبلغ النجاشي فغضب وأراد البطش به فترفق له أبرهة وتحيل بإرسال تحف حتى رضي عنه، وأقره في قصة طويلة عند ابن إسحاق هذا، حاصلها: وفي حواشي البيضاوي للسيوطي: قال الطيبي: سمي الأشرم؛ لأن أباه ضربه بحربة فشرم أنفه وجبينه، انتهى. وكذا جزم به الأنصاري، دون عز وللطيبي، لكن معلوم أن ابن إسحاق مقدم على الطيبي في مثل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>