للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهدم بيت الله الحرام، وبلغ عبد المطلب ذلك، فقال: يا معشر قريش، لا يصل إلى هدم البيت، لأن لهذا البيت ربًا يحميه ويحفظه.

ثم جاء أبرهة فاستاق إبل قريش وغنمها، وكان لعبد المطلب فيها أربعمائة ناقة.

فركب عبد المطلب في قريش حتى طلع جبل ثبير، فاستدارت دارة غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم........................


"لهدم بيت الله الحرام" غضبًا من تغوط الكناني بكنيسته وتلطيخ الخثعمي قبلتها بالعذرة وإلقاء الجيف فيها واحتراقها بنار أججها بعض العرب، فحلف ليهدمن الكعبة، فهدمه الله وملكه. "وبلغ عبد المطلب ذلك، فقال: يا معشر قريش" لا تفزعوا؛ لأنه "لا يصل إلى هدم البيت، لأن لهذا البيت ربًا يحميه" بفتح أوله يدفع عنه من يريد فسادًا كأبرهة، "ويحفظه" بفعل ما هو سبب في بقائه؛ كعمارته، وهذا أولى من جعل يحفظه عطف تفسير. "ثم جاء أبرهة" أي: رسوله؛ كبني الأمير المدينة، فعند ابن إسحاق فلما نزل أبرهة المغمس أمر رجلا من الحبشة، يقال له الأسود بن مفصود بفاء وصاد مهملة على خيل له وأمره بالغارة فمضى حتى انتهى إلى مكة، فساق أموال تهامة وغيرها من قريش وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب وهو يومئذ كبير قريش وسيدها، "فاستاق" أبرهة، أي: رسوله، "إبل قريش وغنمها".
قال ابن إسحاق: فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بالحرم بقتاله، ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوه، "وكان لعبد المطلب فيها أربعمائة ناقة" ظاهره: أن الكل إناث، والظاهر: أن فيها ذكورًا فغلبت الإناث لكثرتها، ثم هو مخالف لما عند ابن إسحاق وتبعه ابن هشام، وجزم به البغوي واليعمري والدميري والشامي من قولهم: فأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب، فيجوز أن الخاص به مائتان وباقيها لبعض خواصه، فنسبت إليه والبعير يقع على الذكر والأنثى فلا مخالفة، ولم يذكر المصنف كغيره الغنم، فيجوز أن عبد المطلب لم يكن له غنم أوله، ولم تذكر لخستها بالنسبة للإبل، "فركب عبد المطلب في قريش، حتى طلع بل ثبير" بمثلثة مفتوحة فموحدة مكسورة فتحتية، جبل بمكة، "فاستدارت دارة غرة" بضم الغين المعجمة، أي: بياض، أي: نور "رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي المختار: الغرة بالضم: بياض في جبهة الفرس فوق الدرهم، وفي المصباح: الدارة دارة القمر وغيره، سميت بذلك لاستدارتها، فالمعنى، هنا: فحصلت دارة غرة المصطفى على سبيل التجريد، وإلا فالدارة هي المحيطة بالغرة فلا يصح إسناد الفعل لها؛ لاقتضائه تعلق الاستدارة بالدارة، ولا يصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>