للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجاءت امرأة من هذيل ترعى غنمًا، فرأت النواءات وأنكرت صغرهن، وقالت: هذا تمر يثرب, فصاحت في قومها قد أتيتم، فجاءوا في طلبهم، فوجدوهم قد كمنوا في الجبل، وتبعوا آثارهم حتى لحقوهم.

وفي رواية ابن سعد: فلم يرع القوم إلّا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم.

فلما حسَّ بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد -بفاءين مفتوحتين ومهملتين, الأولى ساكنة- وهي الرابية المشرفة، فأحاط بهم القوم، فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلًا،


"فجاءت امرأة من هذيل ترعى غنمًا فرأت النواءات" هذا جمع تصحيح لم يذكره القاموس والمصباح، فإنهما قالا: النوى جمع نواة، وجمع الجمع أنواء, مثل سبب وأسباب، فالظاهر كما قال شيخنا: إنه كان يقال: فلمَّا رأت النوى بالقصر، أو الأنواء، "فأنكرت صغرهن وقالت: هذا تمر يثرب، فصاحت في قومها: قد أتيتم" بالبناء للمفعول من قِبل العدو، "فجاءوا في طلبهم فوجدوهم قد كمنوا" بفتحتين وبفتح فكسر: استخفوا "في الجبل، واتبعوا آثارهم" حين أخبرتهم المرأة "حتى لحقوهم" بالجبل، والواو لا ترتب, فلا يرد اقتضاؤه أن اقتفاء الأثر بعد وجدانهم كامنين بالجبل.
"وفي رواية ابن سعد" في حديث أبي هريرة هذا، "فلم يرع القوم إلّا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم", أعاده وإن مَرَّ عن ابن إسحاق؛ لأن ذاك مرسل، وهذا مسند، ويقع سقوطه في نسخ وهو خطأ؛ لإيهامه أن ما بعده رواية ابن سعد، مع أنه من جملة حديث البخاري, ففيه عقب قوله: حتى لحقوهم، "فلمَّا حسَّ".
قال المصنف: صوابه كما قال السفاقسي أحسَّ رباعيًّا، أي: علم "بهم عاصم وأصحابه لجأوا" بفتح الجيم وكسرها آخره همزة- تحرزوا واعتصموا "إلى فدفد -بفاءين مفتوحتين ودالين مهملتين الأولى ساكنة- وهي الرابية المشرفة".
قال الحافظ: ووقع عند أبي داود إلى قردد -بقاف وراء ودالين.
قال ابن الأثير: هو الموضع المرتفع، ويقال: الأرض المستوية، والأول أصح, "فأحاط بهم القوم فقالوا: لكم العهد والميثاق" تفسيري، "إن نزلتم إلينا أن لا نقتل منكم رجلًا".
وعند ابن سعد فقالوا لهم: إنا والله ما نريد قتالكم، إنما نريد أن نصيب بكم شيئًا من أهل مكة، وهي رواية ابن إسحاق المتقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>