"يدعو على رعل، ولحيان وعصية" بيان لتعيين المدعو عليهم، فلا يتكرر مع قوله أولًا دعا، "عصت الله ورسوله" ليس حكمة التسمية, بل بيان لما هم عليه من الفعل القبيح. "قال أنس: أنزل الله في الذين قتلوا يوم بئر معونة قرآنًا ثم نسخ بعد،" بالبناء على الضم. وفي رواية: ثم رفع، ذلك ولا حمد. ثم نسخ ذلك، "أي: نسخت تلاوته" وبقي معناه. قال في الروض: فإن قيل هو خبر، والخبر لا ينسخ، قلنا: لم ينسخ منه الخبر، وإنما نسخ الحكم، فإن حكم القرآن أن يتلى في الصلاة، ولا يمسّه إلا طاهر، ويكتب بين اللوحين, وتعلمه فرض كفاية، فما نسخ رفعت منه هذه الأحكام، وإن بقي محفوظًا فهو منسوخ, فإن تضمن حكمًا جاز أن يبقى ذلك الحكم معمولًا به، وإن تضمَّن خبرًا بقي ذلك الخبر مصدقًا به، وأحكام التلاوة منسخوة عنه، كما نزل: لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثًا، ولا يملأ جوف بن آدم إلّا التراب، ويتوب الله على من تاب. ويروى: ولا يملأ عيني ابن آدم وفم ابن آدم، وكلها في الصحاح. وكذا روي من مال, فهذا خبر حق، والخبر لا ينسخ، وإنما نسخت أحكام تلاوته، قال: وكانت هذه الآية في سورة يونس بعد قوله: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: ٢٤] الآية. كما قال ابن سلام، انتهى. وفي رواية البخاري في الجهاد: فأخبر جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم قد لقوا ربهم, فرضي عنهم وأرضاهم، فكنا نقرأ: "بلغوا قومنا أنا قد لقينا ربنا, فرضي عنا ورضينا عنه". وفي رواية: فرضي عنا وأرضانا. وسبب نزوله أنهم قالوا: اللهمَّ بلغ عنا نبينا، وفي لفظ: إخواننا، أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا، فأخبره جبريل، فحمد الله وأثنى عليه فقال: "إن إخوانكم" إلخ. قال الإمام السهيلي: ثبت هذا في الصحيح وليس عليه رونق الإعجاز، فيقال: إنه لم ينزل بهذا النظم، ولكن بنظم معجم كنظم القرآن، انتهى.