وذكر المصباح أن حرَّق إذا أكثر الإحراق. قال شيخنا: وعليه فالأنسب التخفيف لقول البغوي، قيل: قطعوا نخلة وأحرقوا نخلة، وقيل: جملة ما قطع وحرق ست نخلات، وكتبنا عنه في التقرير أن المناسب هنا التشديد، كأنه بولغ في التحريق والقطع حتى أنكاهم، ونادوه: يا محمد، وشق النساء الجيوب إلخ، ولا ينافي ذلك قول البغوي بفرض صحته؛ لأنهم ظنوا أنه -عليه السلام- يديم ذلك. "وخرب" أماكنهم، أي: تسبَّب في خرابها بقطع نخيلهم التي هي قوام أمرهم، وهذا لم يقع في ابن إسحاق، ولا في نقل الفتح والعيون عنه، ولا يحمل على يخربون بيوتهم؛ لأنه إنما وقع بعد موافقتهم على الجلاء، "فنادوه: يا محمد, قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه"، أي: تعده عيبًا "على من صنعه, فما بال" أي: حال "قطع النخل وتحريقها" أهو فساد أم صلاح؟ توبيخ على قطعه. "قال السهيلي: قال أهل التأويل: وقع في نفوس بعض المسلمين من هذا الكلام شيء" فخافوا أن يكون فعلهم فسادًا، وبعض المسلمين قال: بل نقطع لنغيظهم بذلك، وكان أولئك لم يسمعوا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى بالقطع والتحريق، فاعتقدوا أنه باجتهاد من القاطعين، أو زيادة المباشر على أمره، أو أنه للتهديد، فلا يلزم القطع بالفعل، أو ذلك ممن قرب عهده بالإسلام. وفي تفسير السبكي: إنَّ من كان يقطع الأجود يقصد إغاظة الكفار، ومن كان يبقيه يقصد إبقاءه للنبي -صلى الله عليه وسلم. انتهى واستمر ما في نفوسهم، "حتى أنزل الله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: ٥] الآية. بيان لما المنصوب محلًّا بقطعتم، "كأنه قيل: أي شيء قطتعتم "الآية إلى قوله -يريد: {أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} ، فبإذن الله قطعها وتركها ومشيئته {وَلِيُخْزِيَ} [الحشر: ٥] الآية بالإذن في القطع {الْفَاسِقِينَ} [الحشر: ٥] الآية. اليهود في اعتراضهم، بأن قطع شجر الثمر فساد، وفيه جواز قطع الشجر الكفار وإحراقه، وبه قال الجمهور؛ كمالك والثوري والشافعي وأحمد. "واللينة" بالياء المنقلبة عن الواو لكسر اللام، وجمعها ليان، مثل كتاب، "ألوان" أي: أنواع "التمر" كلها "ما عدا العجوة والبرني،" هكذا قاله في الروض تبعًا لابن