قال مغلطاي: وهو من المعتمدين في السِّيَر، وقوله موافق لما ذكره أبو موسى، "لأن صلاة الخوف في غزوة الخندق لم تكن شُرِعَت، وقد ثبت" في الصحيح عن جابر وغيره "وقوع صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع، فدلَّ على تأخرها بعد الخندق". وروى أحمد وأصحاب السنن وصحَّحه ابن حبان عن أبي عيَّاش الزرقي قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بعسفان, فصلى بنا الظهر, وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد، فقالوا: لقد أصبنا منهم غفلة، ثم قالوا: إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم، فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر، فصلَّى بنا العصر. الحديث. وهو ظاهر في أنَّ صلاة الخوف بعسفان غير صلاة الخوف بذات الرقاع، وإذا تقرَّر أن أوَّل ما صليت صلاة الخوف بعسفان، وكانت في عمرة الحديبية, وهي بعد الخندق وقريظة, تعيِّنَ تأخرها عنهما وعن الحديبية أيضًا، فيقوى القول بأنها بعد خيبر؛ لأن خيبر كانت عقب الرجوع من الحديبية. قاله في الفتح. "ثم قال" الحافظ ابن حجر "عند قول البخاري: وهي بعد خيبر؛ لأن أبا موسى" الأشعري "جاء بعد خيبر" من الحبشة سنة سبع، هكذا استدلَّ به, وقد ساق حديث أبي موسى بعد قليل، وهو استدلال صحيح, وسيأتي أنَّ أبا موسى إنما قَدِمَ من الحبشة بعد فتح خيبر في باب غزوتها, ففيه في حديث طويل. قال أبو موسى: فوافينا النبي -صلى الله عليه وسلم- حين افتتح خيبر "وإذا كان كذلك، وثبت أن أبا موسى شهد غزوة ذات الرقاع، لزم أنها كانت بعد خيبر، قال: وعجبت من" شيخ شيوخنا "ابن سيد الناس كيف قال: جعل البخاري حديث أبي موسى هذا حجة في أنَّ غزوة ذات الرقاع متأخرة