للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن أبي: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فسمعه زيد بن أرقم، ذو الأذن الواعية، فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فأرسل إلى ابن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فأنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد صدقك يا زيد". رواه البخاري.

وكانت غيبته عليه الصلاة والسلام في هذه الغزوة ثمانية وعشرين يوما.


أصاب الناس فيه شدة، ورجح ابن كثير الأول، بأن ابن أبي لم يخرج في غزوة تبوك، بل ورد أنه رجع بطائفة من الجيش.
"قال ابن أبي" ابن سلول، رأس المنافقين: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز" يعني نفسه، "منها" أي: المدينة، "الأذل" يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وما أحسن قول أسيد بن حضير بالموجب، لما قال له ذلك عليه السلام، قال: فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت هو والله الذليل وأنت العزيز، ثم قال: ارفق به فوالله لقد جاء الله بك، وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه وإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا، ذكره ابن إسحاق، وذلك أنه ضرب مهاجري أنصاريا بيده, فقال الأنصاري: يا للأنصار وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمعها الله رسوله الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما هذا"؟ فأخبروه، فقال: "دعوها فإنها منتنة"، فقال ابن أبي أوقد: فعلوا والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق، قال: "دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه" رواه البخاري عن جابر، وأورده ابن إسحاق مطولا، وسمى المهاجري جهجاه بن مسعود أجير عمر بن الخطاب والأنصاري سنان بن وبر, "فسمعه زيد بن أرقم" الأنصاري استصغر بأحد وأول مشاهده الخندق، وقيل: المريسيع، وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة، كما في الصحيح وله حديث كثير وشهد صفين مع علي، ومات بالكوفة سنة ست، وقيل: ثمان وستين "ذو الأذن الواعية" الضابطة لما سمعته؛ لأنه لما نقل قول ابن أبي، واتهم فيه نزل القرآن مصدقا له، فدل على قوة ضبطه وحفظه لما سمعه، "فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك" بنفسه، كما في رواية أو ذكر ذلك لعمه، فذكره عمه له صلى الله عليه وسلم كما في أخرى، وكلاهما في الصحيح، "فأرسل إلى ابن أبي وأصحابه، فخافوا ما قالوا".
قال في حديث البخاري فصدقهم، وكذبني فأصابني هم لم يصبني مثله، فجلست في بيتي، "فأنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون: ١] فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد صدقك يا زيد" وفي مرسل الحسن: أنه أخذ بإذنه فقال له: وفي الله بإذنك يا غلام، وكان عليه السلام لما حلف له ابن أبي قال لزيد: لعله أخطأ سمعك، "رواه" أي: أصل الحديث بمعناه، لا كونه في هذه الغزوة "البخاري" بطرق عديدة من حديث زيد.
وفي الترمذي فقال له ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي: والله لا تنقلب، أي: إلى المدينة،
حتى تقول إنك أنت الذليل ورسول الله العزيز، ففعل.
"وكانت غيبته عليه الصلاة والسلام في هذه الغزوة ثمانية وعشرين يوما" وقدم المدينة لهلال رمضان، قاله ابن سعد، وفي هذه الغزوة أيضا نهى صلى الله عليه وسلم عن العزل، رواه البخاري وغيره عن أبي سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>