"وقال ابن إسحاق: وأقام عليه الصلاة والسلام والمسلمون" على الخندق، "وعدوهم يحاصرهم، ولم يكن بينهم قتال،" إلا أنهم لا يدعون الطلائع بالليل يطمعون في الغارة، قاله ابن سعد، "اقتحم هو ونفر معه" هم: عكرمة وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان وضرار بن الخطاب، كما في ابن إسحاق "خيولهم" بالرفع بدل من الفاعل فهو المقصود بالنسبة، ومعناه اقتحمت بإكراههم إياها، أو بالنصب واقتحم بمعنى أقحم مجاز "من ناحية ضيقة من الخندق حتى كانوا بالسبخة" بمهملة فموحدة فمعجمة مفتوحات، واحدة السباخ، ويقال أرض سبخة بالكسر ذات سباخ وهو أنسب بالمصنف، أي: حتى صاروا بالأرض السبخة بين الخندق وسلع، "فبارزه علي" بعدما نادى عمرو ثلاثا من يبازر؟ وفي كل مرة يقول علي: أنا له يا نبي الله، فيقول: "اجلس، إنه عمرو"، فقال علي في الثالثة: وإن كان عمرا فأعطاه صلى الله عليه وسلم سيفه وعممه، وقال: "اللهم أعنه عليه"، فدعاه إلى الإسلام أو الرجوع عن الحرب، فأبى إلا البراز فضحك، وقال: ما كنت أظن أحدا يرومني على هذه الخصلة فمن أنت، قال: علي بن أبي طالب، قال: يابن أخي من أعمامك من هو أسن منك، فإني أكره أن أهريق دمك، فقال علي: لكني والله لا أكره أن أهريق دمك فغضب عمرو، فنزل عن فرسه وعقرها وسل سيفه، كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحوه علي مغضبا, فاستقبله على بدرقته ودنا أحدهما من الآخر، وثارت بينهما غبرة فضربه عمرو فاتقاها بدرقته، فانقدت وأثبت فيها السيف وضربه علي فوق عاتقه "فقتله" وقيل: طعنه في ترقوته حتى أخرجها من مراقه فسقط ثم أقبل نحوه صلى الله عليه وسلم وهو متهال، فقال له عمر بن الخطاب: هلا سلبته درعه فإنه ليس في العرب درع خير منها، فقال: إنه حين ضربته استقبلني بسوأته فاستحييت. قال الحاكم: سمعت الأصم، قال: سمعت العطاردي قال: سمعت الحافظ يحيى بن آدم يقول: ما شبهت قتل علي عمرا إلا بقوله تعالى: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ} [البقرة: ٢٥١] .