للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسفت عليهم التراب ورمتهم بالحصى، وسمعوا في أرجاء معسكرهم التكبير وقعقعة السلاح فارتحلوا هرابا في ليلتهم وتركوا ما استثقلوه من متاعهم. قال: فذلك قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: ٩] .

وفي البخاري عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: "ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا، كما شغلونا


وزاد: وبعث الله مع الصبا ملائكة تسدد الريح، وتفعل نحو فعلها ا. هـ. "وسفت عليهم التراب" في وجوههم، "ورمتهم بالحصا وسمعوا في أرجاء معسكرهم" أي: جوانبه، "التكبير وقعقعة السلاح" من الملائكة "فارتحلوا هرابا" بضم الهاء والتشديد، جمع هارب، أي: هاربين، "في ليلتهم وتركوا ما استثقلوه من متاعهم" فغنمه المسلمون مع عشرين بعيرا أرسلها أبو سفيان لحيي فحملها له شعيرا وتمرا وتبنا، فلقيها جماعة من المسلمين فأخذوها وانصرفوا بها إليه صلى الله عليه وسلم، فتوسعوا بها وأكلوه حتى نفد ونحروا منها أبعرة، وبقي منها ما بقي حتى دخلوا به المدينة، فلما رجع ضرار بن الخطاب أخبرهم الخبر، فقال أبو سفيان: إن حييا لمشئوم قطع بنا ما نجد، ما نحمل عليه إذا رجعنا، أخرجه الواقدي بإسناد له مرسل. "قال: فذلك قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا} [الأحزاب: ٩] ، صبا باردة في ليلة شاتية، {وَجُنُودًا} ملائكة قيل: كانوا ألفا.
وروى ابن سعد عن ابن المسيب قال: أتى جبريل يومئذ، ومعه الريح فقال صلى الله عليه وسلم حين رأى جبريل: "ألا أبشروا" ثلاثا، {لَمْ تَرَوْهَا} قذفت في قلوبهم الرعب والفشل، وفي قلوب المؤمنين القوة والأمل، وقيل: إنما أرسلت لتزجر خيل العدو وإبلهم، فقطعوا ثلاثة أيام في يوم واحد، ذكره ابن دحية.
قال مجاهد: ولم تقاتل الملائكة يومئذ.
قال البلاذري: بل غشيتهم تطمس أبصارهم فانصرفوا، ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال.
"وفي البخاري" في الجهاد، والمغازي، والتفسير والدعوات، ومسلم وأبي داود والنسائي في الصلاة، والترمذي في التفسير، "عن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم" وقعة "الخندق".
قال الحافظ: وفي الجهاد يوم الأحزاب: وهو بالمعنى "ملأ الله بيوتهم" أي: الكفار أحياء، "وقبورهم" أمواتا "نارا"، والجملة خبرية لفظا، إنشائية معنى أي: اللهم املأ، ففيه كما قال الحافظ جواز الدعاء على المشركين بمثل ذلك "كما شغلونا".
وفي رواية المستملي: لما شغلونا بزيادة لام وهو خطأ، قاله الفتح، والكاف للتعليل بمعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>