وأخرج أبو داود عن زيد بن ثابت، كان صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم تكن صلاة أشد على أصحابه منها، فنزلت {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: ٢٣٨] . وروى أحمد عنه، كان صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهجيرة، فلا يكون وراءه إلا الصف، أو الصفان والناس في قائلتهم، وفي تجارتهم، فنزلت الآية "أو العصر". قال الترمذي: هو قول أكثر الصحابة الماوردي وجمهور التابعين ابن عبد البر، وأكثر علماء الأثر، وقال به من المالكية ابن حبيب، وابن العربي وابن عطية، وهو الصحيح من مذهب أبي حنيفة، وقول أحمد، وصار إليه معظم الشافعية مخالفين، نص إمامهم لصحة الحديث فيه، وقد قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي. قال ابن كثير: لكن صمم جماعة من الشافعية أنها الصبح قولا واحدا. وروى الترمذي والنسائي عن علي: كنا نرى أنها الصبح حتى سمعته صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى" صلاة العصر. قال الحافظ: وهذه الرواية تدفع دعوى أن صلاة العصر مدرج من تفسير بعض الرواة، فهي نص في أن كونها العصر من كلامه عليه السلام، وأن حجة من قال الصبح قوية ا. هـ. وقال ابن عبد البر: الاختلاف القوي في الصلاة الوسطى، إنما هو في هاتين الصلاتين، أعني العصر والصبح، وغير ذلك ضعيف، "أو المغرب" قاله ابن عباس عند ابن أبي حاتم بإسناد حسن، وقبيضة بن ذؤيب عند ابن جرير، وحجتهم أنها معتدلة في عدد الركعات ولا تقصر في الأسفار، وأن العمل مضى على المبادرة إليها، وتعجيلها عقب الغروب، وأن قبلها صلاتي سر، وبعدها صلاتي جهر، "أو جميع الصلوات" قاله ابن عمرو. رواه ابن أبي حاتم بسند حسن. ومعاذ بن جبل "و" احتج له بأن قوله: حافظوا على الصلوات: "هو يتناول الفرائض والنوافل" فعطف الوسطى عليه، وأريد بها كل الفرائض تأكيدا لها، "واختاره ابن عبد البر" أبو عمر، وتعجب منه ابن كثير حيث اختار مع اطلاعه وحفظه ما لم يقم عليه دليل، وأنها لإحدى الكبر كذا قال، وإنه من مثله لشيء عجاب، فإن السند إلى ابن عمر حسن، كما في الفتح فهو دليله، ولذا أعرض الحافظ عن تعقبه فحكاه بلا تعقب، "أو الجمعة" ذكره ابن حبيب، واحتج بما اختصت به من الاجتماع والخطبة، "وصححه القاضي