وقال ابن فارس: اعتجر الرجل لف العمامة على رأسه فلم يقيده، فإما أن يحمل عليه، أو هو قول ثان، "من استبرق" ضرب من الديباج غليظ، وتصغيره أبيرق قاله البرهان. قال ابن سعد: وكانت سوداء وأرخى منها بين كتفيه "على بغلة" بيضاء عليها رحالة، "عليها قطيفة ديباج"، هكذا لفظ ابن إسحاق عن الزهري، ورحالة، بكسر الراء، وخفة الحاء المهملة، سرج من جلود لا خشب فيها، تتخذ للركض الشديد، والجمع رحائل، والقطيفة كساء له خمل، وكانت حمراء كما روي عن الماجشون، وديباج بكسر الدال، وقد تفتح، فارسي معرب، والإضافة بيانية على معنى من، وفي لفظ: بغلة شهباء، وآخر فرس أبلق، وجمع بأن الدابة ليست من دواب الدنيا، فبعض الرائين تصورها بغلة، وبعضهم فرسا، فأخبر كل بما تصور، وبعض أمعن نظره، فقال بلقاء لكونها ذات لونين، وبعض لم يمعنه، ورأى غلبة البياض، فقال شهباء أو بيضاء. "وفي البخاري" في الجهاد والمغازي "من حديث عائشة، أنه لما رجع صلى الله عليه وسلم" من الخندق، كما في رواية للبخاري أيضا، أي: إلى المدينة، "ووضع السلاح، واغتسل" للتنظيف من آثار السفر، وعليه بوب البخاري الغسل بعد الحرب، وظاهره أنه فرغ من غسله، وبه صرح كعب بن مالك عند الطبراني وغيره بسند صحيح، أنه اغتسل واستجمر، وكذا الواقدي، وقال: ودعا بالمجمرة ليتبخر، وقد صلى الظهر. وعند ابن عقبة فأخذ يغسل رأسه، وقد رجل أحد شقيه، ويحتمل أنه أتم الغسل، وأخذ يرجل رأسه مكانه، والمحمرة عنده "أتاه جبريل" جواب لما، وللبخاري في الجهاد فأتاه بالفاء وهي زائدة قاله القرطبي، ويؤيده رواية المغازي هذه الأولى، وفي الرواية الثانية في المغازي لما رجع من الخندق، وضع السلاح واغتسل فأتاه جبريل. قال الحافظ: فهذا يبين أن الواو في الجهاد زائدة في قوله: ووضع السلاح، هو أولى من دعوى زيادة الفاء لكثرة مجيء زيادة الواو، وللواقدي أنه وقف موضع الجنائز، وللطبراني والبيهقي عن كعب بن مالك، أنه صلى الله عليه وسلم لما رجع من طلب الأحزاب، وجمع عليه اللامة، واغتسل