للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره، وكان قد استبطأه، قال: أما لو جاءني لاستغفرت له، وأما إذا فعل ما فعل، فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه.

قال ابن هشام: وأقام أبو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال، تأتيه امرأته في وقت كل صلاة فتحله للصلاة ثم يعود فتربطه بالجذع.

وقال أبو عمر: روى ابن وهب عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أن أبا لبابة ارتبط بسلسلة ثقيلة بضع عشرة ليلة حتى ذهب سمعه


تَعْلَمُونَ} [الأنفال: ٢٧] "فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره، وكان قد استبطأه قال: أما لو جاءني" وأخبرني خبره "لاستغفرت له، وأما إذ فعل ما فعل، فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه".
قال أبو لبابة: فكنت في أمر عظيم في حر شديد عدة ليال لا آكل فيهن شيئا، ولا أشرب، وقلت: لا أزال هكذا حتى أفارق الدنيا، أو يتوب الله علي، وأذكر رؤيا رأيتها في النوم، ونحن محاصرون بني قريظة، كأني في حمأة، أي: طين سود آسنة، أي: متغيرة، فلم أخرج منها حتى كدت أموت من ريحها، ثم رأيت نهرا جاريا، فأراني اغتسلت فيه حتى استنقيت، وأراني أجد ريحا طيبة، فاستعبرتها أبا بكر، فقال: لتدخلن في أمر تغتم له، ثم يفرج عنك، فكنت أذكر قوله وأنا مرتبط، فأرجو أن ينزل الله توبتي، فلم أزل كذلك حتى ما أسمع الصوت من الجهد ورسول الله ينظر إلي.
"قال ابن هشام" عبد الملك: "وأقام أبو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال تأتيه امرأته" بطلب منه، أو بلا طلب على العادة من تفقد الزوجة، ونحوها الشخص في الشدة، "في وقت كل صلاة، فتحله للصلاة، ثم يعود فتربطه بالجذع" وكان هذه الست تقيدت به فيها امرأته، وباقي البضع عشرة بنته، فلا تنافي بين هذه والآتية.
"وقالوا أبو عمر" بن عبد البر الحافظ: "روى ابن وهب" عبد الله أحد الأعلام، "عن مالك" بن أنس الإمام، "عن عبد الله بن أبي بكر" بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني، قاضيها الثقة، المتوفى سنة خمس وثلاثين ومائة عن سبعين سنة، "أن أبا لبابة ارتبط بسلسلة ثقيلة،" لفظ الرواية، كما في العيون عن أبي عمر بسلسلة ربوض، والربوض الثقيلة وهو بفتح الراء، وضم الموحدة مخففة، فواو فضاد معجمة، أي: عظيمة غليظة، "بضع عشرة ليلة حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>