للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبض إنسان يومئذ بيده من تراب قبره قبضة فذهب بها، ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك، فقثال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله، سبحان الله"، حتى عرف ذلك في وجهه، فقال: "الحمد لله، لو كان أحد ناجيا من ضمة القبر لنجا منها سعد، ضم ضمة ثم فرج الله عنه".


قبض إنسان يومئذ" أي: يوم موت سعد، "بيده من تراب قبره قبضة فذهب بها، ثم نظر إليها بعد ذلك، فإذا هي مسك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله، سبحان الله" مرتين، تعجبا من كون تراب قبره صار مسكا، وكونه ضمه "حتى عرف ذلك" التعجب المدلول عليه بالتسبيح "في وجهه" الشريف، "فقال: "الحمد لله" شكرا له على تفريجه عن سعد، "لو كان أحد ناجيا من ضمة القبر" من الأمم، صالحهم وطالحهم، إلا الأنبياء لكونهم خصوا بأنهم لا يضغطون كما في الأنموذج، ولا ترد فاطمة أم علي رضي الله عنهما؛ لأن نجاتها لسبب اضطجاعه صلى الله عليه وسلم في قبرها، ولا قارئ الإخلاص في مرض موته؛ لأن نجاته لسبب هو القراءة، والمنفي أنه لم ينج أحد منها بلا سبب، أو هي خصوصيات لا تنقض الأمور الكلية "لنجا منها سعد" لكن لم ينج أحد، فلم ينج سعد "ضم ضمة، ثم فرج الله عنه".
قال الحكيم الترمذي: سبب هذه الضمة أنه ما من أحد إلا وقد ألم بخطيئة ما، وإن كان صالحا، فجعلت هذه الضغطة جزاء له، ثم تدركه الرحمة، ولذا ضغط سعد للتقصير في البول، فأما الأنبياء فلا ضم ولا سؤال لعصمتهم ا. هـ. وهذا الحديث المرسل له شاهد.
قال ابن إسحاق: حدثني معاذ بن رفاعة، عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح، عن جابر قال: لما دفن سعد، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح صلى الله عليه وسلم، فسبح الناس معه، ثم كبر، فكبر الناس معه، فقالوا: يا رسول الله مم سبحت، فقال: "لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرج الله عنه"، ولم يقولوا كم كبرت؛ لأن الذي يقال عند التعجب إنما هو التسبيح، فسألوا عن سببه.
قال ابن هشام: ومجاز هذا الحديث قول عائشة، قال صلى الله عليه وسلم: "إن للقبر لضمة، لو كان أحد منها ناجيا لكان سعد بن معاذ".
وفي رواية يونس الشيباني، عن ابن إسحاق حدثني أمية بن عبد الله قال: قلت لبعض أهل سعد: ما بلغكم في هذا؟ فقال: ذكر لنا أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك، فقال: "كان يقصر في بعض الطهور من البول بعض التقصير"، ومعلوم أن تقصيره لم يكن على وجه يؤدي إلى فساد عبادته، ولكنه مخالف للأولى، كترك الجمع بين الحجر والماء في الاستنجاء، فضمه القبر ليعظم ثوابه

<<  <  ج: ص:  >  >>