للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول:

خذها وأنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع

يعني يوم هلاك اللئام، من قولهم: لئيم راضع، أي راضع اللؤم في بطن أمه، وقيل معناه: اليوم يعرف من ارتضعته الحرب من صغره وتدرب بها، ويعرف غيره، ولحق رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس والخيول


لترككم، ليقم إليه أربعة منكم، فصعدوا في الجبل، فقلت لهم: أتعرفونني؟ فقالوا: ومن أنت؟، قلت: ابن الأكوع، والذي أكرم وجه محمد، لا يطلبني رجل منكم فيدركني، ولا أطلبه فيفوتني، فقال رجل منهم، أظن فرجعوا، فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، "ويقول: خذها" أي: الرمية "وأنا ابن الأكوع" المشهور في الرمي بالإصابة عن القوس، وهذا من الفخر الجائز في الحرب لاقتضائها فعله لتخويف الخصم، كما قال صلى الله عليه وسلم: " أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب"، "واليوم يوم الرضع" بضم الراء وشد المعجمة، جمع راضع.
قال السهيلي: يجوز رفعهما، ونصب الأول، ورفع الثاني على جعل الأول ظرفا، وهو جائز إذا كان الظرف واسعا، ولم يضق عن الثاني.
قال أهل اللغة: يقال في اللؤم رضع بالفتح، يرضع بالضم رضاعة لا غير، ورضع الصبي بالكسر ثدي أمه، يرضع بالفتح رضاعا، مث سمع يسمع سماعا، "يعني يوم هلاك اللئام من قولهم: لئيم راضع"، والأصل فيه أن شخصا كان شديد البخل، فكان إذا أراد حلب ناقته ارتضع من ثديها لئلا يحلبها فيسمع جيرانه، أو من يمر به صوت الحلب، فيطلبون منه اللبن، وقيل: بل صنع ذلك لئلا يتبدد من اللبن شيء إذا حلب في الإناء، أو يبى في الإناء شيء إذا شربه، فقالوا في المثل: ألأم من راضع، وقيل: "أي رضع اللؤوم في بطن أمه،" أي: هو معنى المثل، وقيل: كل لئيم يوصف بالمص والرضاع، وقيل: المراد من يمص طرف الخلال إذا خلل أسنانه، وهو دال على شدة الحرص، وقيل: هو الراعي الذي لا يستصحب محلبا، فإذا جاءه الضيف اعتذر بأن لا محلب معه، وإذا أراد أن يحلب ارتضع ثديها.
وقال أبو عمرو الشيباني: هو الذي يرضع الشاة، أو الناقة عند الحلب من شدة الشره، وقيل: أصله الشاة ترضع لبن شاتين من شدة الجوع، وقيل: معناه اليوم يعرف من ارتضع كريمة فأنجيته، أو لئيمة فهجنته، "وقيل: معناه اليوم يعرف من ارتضعته الحرب من صغره، وتدرب بها ويعرف غيره".
وقال الداودي: معناه هذا يوم شديد عليكم، تفارق فيه المرضعة من أرضعته، فلا يجد من يرضعه، قال جميعه في الفتح، "ولحق رسو الله صلى الله عليه وسلم الناس والخيول" بالرفع عطف على

<<  <  ج: ص:  >  >>