للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعث صلى الله عليه وسلم عليا إلى زيد بن حارثة يأمره أن يخلي بينهم وبين حرمهم وأموالهم،


بعثته إلى قومه عامة، ومن دخل فيهم يدعوهم إلى الله وإلى رسوله، فمن أقبل، ففي حزب الله وحزب رسوله، ومن أدبر فله أمان شهرين، فلما قدم على قومه أسلموا، فلم يلبث أن جاء دحية من عند قيصر، ذكره ابن إسحاق، وبسط القصة فقال: فلما سمع بنو الضبيب بما صنع زيد، ركب نفر منهم حسان بن ملة باللام، وروي بالكاف، وأنيف بن سلمة، وأبو زيد بن عمرو، فلما وقفوا على زيد بن حارثة، قال حسان: إنا قوم مسلمون، فقال: اقرأ أم الكتاب، فقرأها فقال زيد: نادوا في الجيش إن الله قد حرم علينا ثغرة القوم التي جاءوا منها إلا من ختر، وكانت أخت حسان في الأساري، فقال له زيد: خذها، فقالت امرأة: أتنطلقون ببناتكم، وتذرون أمهاتكم؟، فقال زيد لأخت حسان: اجلسي مع بنات عمك حتى يحكم الله فيكن، ونهى الجيش أن يهبطوا إلى واديهم الذي جاءوا منه، فأمسوا في أهليهم، فلما شربوا عتمتهم، ركبوا حتى صبحوا رفاعة، فقال له حسان: إنك لجالس، تحلب المعزى، ونساء جذام أسارى، قد غرها كتابك الذي جئت به، فدعا رفاعة بجمل، فشد عليه رحله، وخرج معه جماعة، فساروا ثلاث ليال، فلما دخلوا المدينة، وانتهوا إلى المسجد، دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآهم، آلاح لهم بيده، أن تعالوا من وراء الناس، فاستفت رفاعة المنطق، فقام رجل، فقال: يا رسول الله إن هؤلاء قوم سحرة، فرددها مرتين، أي: عندهم فصاحة لسان وبيان، فقال رفاعة: رحم الله من لم يحذنا في يومنا هذاإلا خيرا، ثم دفع كتابه إليه صلى الله علي وسلم، فقال: دونك يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: "يا غلام اقرأه وأعلن"، فلما قرأه استخبرهم، فأخبروه الخبر، فقال صلى الله عليه وسلم: "كيف أصنع بالقتلى"، ثلاث مرار، فقال رفاعة: أنت أعلم يا رسول الله، لا نحرم عليك حلالا، ولا نحل لك حراما، فقال أبو زيد بن عمرو: أطلق لنا يا رسول الله من كان حيا، ومن قتل تحت قدمي هذه، فقال صلى الله عليه وسلم: "صدق أبو زيد اركب معهم يا علي"، فقال: إن زيد لن يطيعني، قال: "فخذ سيفي هذا"، فأعطاه سيفه، فقال: ليس لي راحلة، فحملوه على بعير وخرجوا، فإذا رسول لزيد على ناقة من إبلهم، فأنزلوه عنها فقال: يا علي ما شأني؟ قال: مالهم عرفوه فأخذوه ثم ساروا، فوجدوا الجيش بفيفاء، فأخذوا ما في أيديهم حتى كانوا ينزعون المرأة من تحت فخذ الرجل.
"وبعث صلى الله عليه وسلم عليا إلى زيد بن حارثة، يأمره أن يخلي بينهم وبين حرمهم" بضم المهملة وفتح الراء، جمع حرمة، وهي الأهل "وأموالهم".
وفي رواية، فقال علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترد على هؤلاء القوم ما كان بيدك من أسير أو سبي أو مال، فقال زيد: علامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أطلب علامة، فقال علي:

<<  <  ج: ص:  >  >>