للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنه إلى دومة الجندل، في شعبان سنة ست.

قالوا: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف، فأقعده بين يديه، وعممه بيده،


اثنتين وثلاثين، وقيل غير ذلك، أخرج له الجميع، "رضي الله عنه إلى دومة" بضم المهملة، وتفتح، فواو ساكنة، فميم فتاء تأنيث، ويقال: دوماء بالمد "الجندل" بفتح الجيم، وسكون النون، وفتح الدال وباللام، حصن، وقرى من طرق الشام بينها وبين دمشق خمس ليال، وبينها وبين المدية خمس عشرة، أو ست عشرة ليلة "في شعبان سنة ست" كما أرخصها ابن سعد، "قالوا: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف،" هذا الحديث أسنده ابن إسحاق وفي أوله زيادة لا بأس بذكرها، قال: حدثني من لا أتهم عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر، قال: كنت عاشر عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده، أبو بكر وعمر وعلي وعثمان وعبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود ومعاذ وحذيفة، وأبو سعيد، إذ أقبل فتى من الأنصار فسلم، ثم جلس، فقال: يا رسول الله، أي المؤمنين أفضل؟، قال: "أحسنهم خلقا"، قال: فأي المؤمنين أكيس، قال: "أكثرهم للموت ذكرا، وأكثرهم استعداد له قبل أن ينزل به، أولئك هم الأكياس"، ثم سكت الفتى، وأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا نزلن بكم، وأعوذ بالله أن تدركوهن، إنه لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها الأظهر، فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤنة وجور السلطان، ولم يمنعوا الذكاء من أموالهم إلا منعوا االقطر من السماء، فلولا البهائم ما مطروا، وما نقضوا عهد الله عز وجل، وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدو من غيرهم، فأخذوا ما كان في أيديهم، وما لم يحكم أئمتهم بكتاب الله، وتجبروا فيما أنزل الله إلا جعل بأسهم بينهم"، ثم أمر عبد الرحمن أن يتجهزوا لسرية بعثه عليها، فأصبح وقد اعتم بعمامة من كرابيس سوداء فأدناه صلى الله عليه وسلم، "فأقعده بين يديه وعممه بيده" لفظ ابن سعد.
وروى الدارقطني في الأفراد عن ابن عمر: دعا النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، فقال: "تجهز فإني باعثك في سرية من يومك هذا، أو من الغد، إن شاء الله تعالى".
قال عبد الله: فسمعت ذلك، فقلت: لأصلين مع رسول الله الغداة، فلأسمعن وصيته له، وفي حديثه عند ابن إسحاق فأدناه منه ثم نقضها، ثم عممه بها، فأرسل من خلفه أربع أصابع، أو نحوا من ذلك، ثم قال: "هكذا يا ابن عوف، فاعتم فإنه أحسن وأعرف"، ثم أمر بلالا أن يدفع إليه اللواء، فدفعه إليه فحمد الله وصلى على نفسه، ثم قال: "خذه يا ابن عوف، اغزوا جميعا في سبيل الله، فقاتلوا من كفر بالله، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، فهذا عهد

<<  <  ج: ص:  >  >>