للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك، فقرع باب النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه عريانا يجر ثوبه، حتى اعتنقه وقبله، وسأله فأخبره بما أظفره الله تعالى به.


الأولى تاجرا اجتاز بهم كما دل عليه كلام ابن سعد، ففيه إطلاق السرية على الطائفة الخارجة للتجارة، ولا يختص ذلك بالخارجة للتجارة، ولا يختص ذلك بالخارجة للقتال، أو تحسس الأخبار وهو وهم فكلام ابن سعد كما علمت إنما هو في سبب غزو زيد لهم في رمضان مع أن الثلاثة مع كونهم حفاظا متقنين لم ينفردوا بأنهما سريتان لزيد بل سبقهم إلى ذلك الواقدي، وابن عائذ وابن إسحاق، وإن خالفهم في سببها ولم يذكر تاريخا، وقول الشارح لم يذكر ابن سيد الناس في رمضان إلا مجرد قدومه بالتجارة، وذكر قتل أم قرفة في رجب فيه أنه لم يذكر قدومه بالتجارة إنما نقل عن ابن سعد خروجه بالتجارة إلى قوله، فأخذوا ما كان معهم ثم قال عقبه.
وذكر ابن سعد نحو ما سبق عن ابن إسحاق في خبر أم قرفة، وقال في آخره فنقل عنه ما ذكره المصنف بقوله: "وقدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك فقرع باب النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه عريانا يجر ثوبه حتى اعتنقه وقبله وسأله، فأخبره بما ظفره الله تعالى به".
"وعند ابن إسحاق وغيره: وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن مسعدة وبابنة أم قرفة، وكان سلمة بن الأكوع هو الذي أصابها، فسألها صلى الله عليه وسلم فوهبها له فوهبها لخاله، حزن ابن أبي وهب فولدت له عبد الرحمن بن حزن، هكذا ذكر ابن إسحاق وابن سعد والواقدي، وابن عائذ وغيرهم هذه السرية، وأن أميرها زي بن حارثة، وفي صحي مسلم وأبي داود عن سلمة بن الأكوع بعث صلى الله عليه وسلم أبا بكر إلى فزارة، وخرجت معه حتى إذا صلينا الصبح أمرنا، فشننا الغارة فوردنا الماء فقتل أبو بكر، أي: جيشه من قتل ورأيت طائفة مهم الذراري، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فأدركتهم ورميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلما رأوا السهم وقفوا وفيهم امرأة وهي أم قرفة عليها قشع من أدم معها ابنتها من أحسن العرب، فجئت بهم أسوقهم إلى أبي بكر، فنفلني أبو بكر ابنتها فلم أكشف لها ثوبا، فقدمن المدينة فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك"، فقلت: هي لك يا رسول الله، فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، ففدى بها أسرى من المسلمين كانوا في أيدي المشركين.
وفي لفظ: فدى بها أسيرا كان في قريش.
قال الإمام السهيلي في الروض: وهذه الرواية أحسن وأصح من رواية ابن إسحاق أن وهبها لخاله حزن بمكة انتهى، ويقال مثله في كون أميرها الصديق.
قال الشامي: ويحتمل أنهما سريتان اتفق لسلمة فيهما ذلك، ويؤيد ذلك أن في سرية زيد أنه صلى الله عليه وسلم وهب المرأة لخاله فولدت له، وفي سرية أبي بكر أنه بعث بها إلى مكة، ففدى به أسرى
ولم أر من تعرض لتحرير ذلك انتهى، واستبعد باقتضائه تعدد أم قرفة وأن كلا لها بنت جميلة، وأن سلمة أسرهما وأن المصطفى أخذهما منه إلا أن يقال: لا تعدد لأم قرفة، وتسميتها في سرية أبي بكر وهم من بعض الرواة؛ لأن ابن سعد لم يسمها، وفيه توهيم رواية الصحيح بلا حجة، فإن تسميتها فيه من زيادة الثقة، فما في الصحيح أصح كما قال السهيلي، وتبعه البرهان.

<<  <  ج: ص:  >  >>