للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبر قريشا بمكانه، فخافوه وطلبوه، وكان فاتكا في الجاهلية، فحشد له أهل مكة وتجمعوا له.

فهرب عمرو وسلمة، فلقي عمرو عبيد الله بن مالك التيمي فقتله، وقتل آخر، ولقي رسولين لقريش بعثتهما يتحسسان الخبر، فقتل أحدهما وأسر الآخر، فقدم به المدينة. فجعل عمرو يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره، وهو يضحك.


يطيعني فطفنا بالبيت وصلينا ثم خرجنا نريد أبا سفيان فوالله إنا لنمشي بمكة إذ نظر إلى الرجل من أهلها فعرفني فقال عمرو بن مية: فوالله إن قدمها إلا لشر. فصريح هذا أنه لم يره إلا بعد خروجهما من الطواف في أزقة مكة فيحمل التعقيب في الأول على التراخي وإن كان بالفاء جمعا بينهما، كما حل الرجل المبهم في الثانية على معاوية للأولى، لأن الروايات يفسر بعضها بعضا "فأخبر قريشا بمكانه" أي: بكون أي: وجود عمرو بمكة، "فخافوه وطلبوه وكان فاتكا" بفاء فألف ففوقية مكسورة جريا "في الجاهلية" والفتك مثلث الفاء القتل على غفلة، "فحشد" أي: جمع "له أهل مكة، وتجمعوا" عطف تفسير، "فهرب عمرو وسلمة" لم يقل: أو جبار؛ لأنه ناقل كلام ابن سعد لم يزد عليه إلا حكاية القول بأنه جبار، "فلقي عمرو عبيد الله بن مالك" بن عبيد الله "التيمي" نسبة إلى تيم من قريش كذا سماه ابن سعد وقال ابن إسحاق: هو عثمان بن مالك أو عبد الله، "فقتله وقتل آخر" من بني الديل سمعه يتغنى ويقول:
ولست بمسلم ما دمت حيا ... ولست أدين دين المسلمينا
هذا أسقطه المصنف من كلام ابن سعد، "ولقي رسولين لقريش" قال البرهان: لا أعرفهما ولا الآخر "بعثتهما" عينا إلى المدينة "يتجسسان الخبر فقتل أحدهما" بسهم "وأسر الآخر فقدم به المدينة فجعل عمرو يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره وهو يضحك" ثم دعا له بخير، ولم يبين في رواية ابن سعد هذه التي اقتصر عليها المصنف تبعا لليعمري محل قتل هؤلاء، وعند ابن هشام وغيره بعد قوله السابق: إن قدمها إلا لشر، فقتل لصاحبي: النجاء فخرجنا نشتد حتى أصعدنا في جبل، وخرجوا في طلبنا حتى إذا علونا الجبل يئسوا منا، فرجعنا فدخلنا كهفا في الجبل فبتنا فيه، وقد أخذنا حجارة فرضمناها دوننا. فلما أصبحنا غدا رجل من قريش يقود فرسا له ويختلي عليها فغشينا ونحن في الغار فقلت: إن رآنا صاح بنا فأخذنا وقتلنا قال: ومعي خنجر قد أعددته لأبي سفيان فأخرج إليه فأضربه على ثديه ضربة، فصاح صيحة أسمع أهل مكة وأرجع فأدخل مكاني، وجاءه الناس يشتدون وهو بآخر رمق، فقالوا: من ضربك؟ فقال: عمرو بن أمية, وغلبه الموت فمات مكانه ولم يدلل على مكاننا فاحتملوه. فقلت لصاحبي لما أمسينا: النجاء، فخرجنا ليلا من مكة نريد المدينة، فمررنا بالحرس وهم يحرسون جثة حبيب بن عدي، فقال أحدهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>