للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفسد العقول التي اتفقت الملل والشرائع على إيجاب حفظها. ولا ريب أن تناول الحشيشة يظهر به أثر التغير في انتظام العقل والقول المستمد كماله من نور العقل. وقد روى أبو داود -بإسناد حسن- عن ديلم الحميري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إنا بأرض باردة نعالج فيها عملا شديدا وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا، قال: "فهل يسكر"؟ , قلت: نعم، قال: "فاجتنبوه"، قلت: فإن الناس غير تاركيه، قال: "فإن لم يتركوه فقاتلوهم".

وهذا منه صلى الله عليه وسلم تنبيه على العلة التي لأجلها حرم المزر فوجب أن كل شيء عمل عمله يجب تحريمه، ولا شك أن الحشيشة تعمل ذلك وفوقه.


يفسد العقول التي اتفقت الملل والشرائع" جمع شريعة، وهي مع الملة ما صدقهما واحد "على إيجاب حفظها ولا ريب" شك "أن تناول الحشيشة يظهر به أثر التغير في انتظام العقل والقول المستمد كماله من نور العقل" وهذا غاية ما ينتج حرمة تناول ما يفسد العقل منها لا ما لا يفسده كما هو الصحيح.
"وقد روى أبو داود بإسناد حسن عن ديلم الحميري" الجيشاني، بفتح الجيم فتحتية فمعجمة نسبه ابن يونس، فقال: ابن هوشع ابن أبي جناب بن مسعود، ووصل نسبه إلى جيشان، وقال: كان أول وافد على النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن أرسله معاذ، ثم شهد فتح مصر ونزلها، وروى عنه أبو الخير، مرثد ووقع لجمع من أكابر الحفاظ فيه تخبيط تكفل برده في الإصابة، وقال في التقريب: أخطأ، من زعم أنه أبو وهب الجيشاني.
"قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنا بأرض باردة، نعالج فيها عملا شديدا، وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح، نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا. قال: "فهل يسكر"؟. قلت: نعم. قال: "فاجتنبوه". قلت: فإن الناس غير تاركيه. قال: "فإن لم يتركوه فقاتلوهم". وهذا منه صلى الله عليه وسلم تنبيه على العلة التي لأجلها حرم المزر" بكسر الميم، وسكون الزاي وبالراء نبيذ الذرة والشعير كما في القاموس.
ومفاد هذا أنه كان تحريم المزر معلوما للسائل قبل السؤال وأنه أشار الحديث إلى أن علته إسكاره فيقاس عليه كل ما شاركه في العلة، "فوجب أن كل شيء عمل عمله يجب تحريمه، ولا شك أن الحشيشة تعمل ذلك وفوقه" فيحرم تعاطي ما عمل ذلك منها لا مطلق التعاطي، كما هو مختاره.

<<  <  ج: ص:  >  >>