للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعاء في هذا الموطن استشهد، وقوله: لولا أمتعتنا به؟ أي وددنا أنك أخرت الدعاء له بهذا إلى وقت آخر لنتمتع بمصاحبته ورؤيته مدة.

وفي البخاري من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم أتى خيبر ليلا -وكان إذا أتى قوما بليل لم يغربهم حتى يصبح- فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم


الدعاء في هذا الموطن" يعني الحرب "استشهد" كما أشار إليه رواية سلمة، بل كلامه أعم من الحرب لقوله: ما استغفر لإنسان يخصه إلا استشهد كما مر قريبا، "وقوله: لولا أمتعتنا به" ليس المراد بلولا التحضيض لأنه إن كان على ماض أفادت اللوم ومعاذ الله أن يقصده أهل بيعة الرضوان الذين رضي الله عنهم، بل المراد العرض والتمني "أي وددنا أنك أخرت الدعاء له بهذا إلى وقت آخر لنتمتع بمصاحبته ورؤيته", وشجاعته "مدة". قال الحافظ والتمتع الترفه إلى مدة ومنه أمتعني الله ببقائك.
"وفي البخاري من حديث أنس" من ثلاثة طرق عنه؛ الطريق الأولى: حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس "أنه صلى الله عليه وسلم أتى خيبر ليلا" أي قرب منها، فلا يخالف رواية ابن سيرين عن أنس في الطريق الثانية عند البخاري: صبحنا خيبر بكرة، لأنه يحمل على أنهم قدموها وناموا دونها، ثم ركبوا إليها بكرة فصبحوها بالقتال.
وذكر ابن إسحاق أنه نزل بواد يقال له: الرجيع بينهم وبين غطفان لئلا يمدوهم وكانوا حلفاءهم، فبلغني أن غطفان تجهزوا وقصدوا خيبر فسمعوا حسا خلفهم، فظنوا أن المسلمين خلفوهم في ذراريهم، فرجعوا وأقاموا وخذلوا أهل خيبر. "وكان إذا أتى قوما بليل لم يغربهم" بضم التحتية وكسر الغين المعجم أي لم يسرع في الهجوم عليهم "حتى يصبح".
قال الحافظ: كذا للأكثر من الإغارة ولأبي ذر عن المستملي لم يقربهم بفتح أوله وسكون القاف وفتح الراء وسكون الموحدة، وفي الجهاد بلفظ لا يغير عليهم وهو مؤيد رواية الجمهور، وفي الأذان من وجه آخر: كان إذا غزا لم يغربنا حتى يصبح وينظر فإن سمع أذانا كف عنهم وإلا أغار، فخرجنا إلى خيبر فانتهينا إليهم ليلا فلما أصبح ولم يسمع أذانا ركب. انتهى.
وروى ابن إسحاق أنه صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر قال لأصحابه: "قفوا". ثم قال: "اللهم رب السموات وما أظللن ورب الأرضين وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما أذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها، وشر ما فيها أقدموا بسم الله". وكان يقولها لكل قرية دخلها "فلما أصبح خرجت اليهود".
زاد أحمد: إلى زروعهم "بمساحيهم" بمهملتين جمع مسحاة من آلات الحرث. قال البرهان: والميم زائدة لأنه من السحو وهو الكشف والإزالة "ومكاتلهم" بفتح الميم وكسر الفوقية جمع

<<  <  ج: ص:  >  >>