وقد حاد للحمية عن سواء السبيل في دعوى التواتر فلم يرد حديث بذلك ينقله جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب في جميع الطبقات، ولا يصح الاعتذار عنه بأنه أراد التواتر المعنوي لكثرة طرقه، فإن مدار حديث أسماء من جميع طرقه على هشام عن زوجته فاطمة بنت المنذر عن أسماء فلم يخرج عن كونه خبر آحاده وإن كان صحيحا، "وقد نقل بعض التابعين الحل عن الصحابة مطلقا من غير استثناء أحد" منهم، "فأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن عطاء بن يسار، قال: لم يزل سلفك يأكلونه قال ابن جريج" رواية عن عطاء، "قلت له": تريد "أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم" وعطاء من الطبقة الوسطى من التابعين فلم يدرك جميعهم، فإنما أخبر عمن أدركه منهم ولا حجة فيه فالمسألة ذات خلاف، "وأما ما نقل عن ابن عباس من كراهتها، فأخرجه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق بسندين ضعيفين"، فلا يرد على نقل عطاء عن الصحابة مطلقا الضعف المسندين إليه، فهذا جواب سؤال نشأ من هذا كما هو ظاهر، فلا يعترض بأن لم يتقدم له ذكر، ويعتذر بأنه لعل المراد في الخارج. "وقال أبو حنيفة في" كتاب "الجامع الصغير لمحمد بن الحسن تلميذه "أكره لحوم الخيل" ذكره وإن علم مما قدمه عن الطحاوي لبيان الكتاب الذي صرح فيه بالكراهة وتوطئة لقوله "فحمله أبو بكر الرازي على التنزيه" فخلاف ما هو عادة الإمام من أنه إذا أطلق الكراهة انصرفت للتحريم، "وقال: لم يطلق أبو حنيفة فيه التحريم وليس هو عنده كالحمار الأهلي،