للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدل على أن المراد بقوله: "رخص" أذن. ونوقض أيضا بالإذن في أكل الخيل، ولو كان رخصة لأجل المخمصة لكانت الحمر الأهلية أولى بذلك لكثرتها وعزة الخيل حينئذ، فدل على أن الإذن في أكل الخيل إنما كان للإباحة العامة لا لخصوص الضرورة.

وقد نقل عن مالك وغيره من القائلين بالتحريم: أنهم احتجوا للمنع بقوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] وقرروا ذلك بأوجه:

أحدها: أن اللام للتعليل، فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك؛ لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر. فإباحة أكلها تقتضي خلاف ظاهر الآية.

ثانيها: عطف البغال والحمير، فدل على اشتراكها معهما في حكم التحريم، فيحتاج من أفرد حكم ما عطف عليه إلى دليل.


التحريم؛ لأن لفظ أذن دون أباح وأحل دال على ذلك, وأما قوله: وأمر بلحوم الخيل فلا يصلح دليلا للجواز المطلق، لجواز أنه في هذا الوقت للمخمصة.
"ونوقض أيضا" الاحتجاج بحديث جابر على التحريم "بالإذن في أكل الخيل ولو كان رخصة لأجل المخمصة لكانت الحمر الأهلية أولى بذلك" الإذن في أكلها "لكثرتها وعزة" قلة "الخيل حينئذ، فدل على أن الإذن في أكل الخيل إنما كان للإباحة العامة لا لخصوص الضرورة".
وهذا مدفوع والملازمة ممنوعة، فإن سبب المناداة بتحريم الحمر قول الصحابي أفنيت الحمر كما مر عن الصحيح، فكأنه رخص لهم حين نهاهم عنها في الخيل لضرورة المخمصة لعلمه بعزتها عندهم، فلا يعودون إليها بعدها، فلا يدل قوله أمر على الإباحة العامة؛ لأنه يحمل على أنه أمر به زمن المخمصة، بدليل رواية رخص والأحاديث يفسر بعضها بعضا.
"وقد نقل عن مالك وغيره من القائلين بالتحريم، أنهم احتجوا للمنع بقوله تعالى: "و" خلق {الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} مفعول له، "وقرروا ذلك بأوجه أحدها أن اللام للتعليل، فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك؛ لأن العلة المنصوصة تفيد الحصر، فإباحة أكلها تقتضي خلاف ظاهر الآية" الذي هو أولى في الحجية من خبر الآحاد.
ولو صح "ثانيها عطف البغال والحمير" عليها، "فدل على اشتراكها" أي: الخيل "معهما في حك التحريم، فيحتاج من أفرد حكم ما عطف عليه إلى دليل", وحديث أسماء بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>