للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما عطف البغال والحمير، فدلالة العطف إنما هي دلالة اقتران وهي ضعيفة.

وأما أنها سيقت مساق الامتنان، فالامتنان إنما قصد به غالب ما كان يقع به انتفاعهم، فخوطبوا بما ألفوا وعرفوا، ولم يكونوا يعرفون أكل الخيل لعزتها في بلادهم، بخلاف الأنعام، فإن أكثر انتفاعهم بها كن لحمل الأثقال وللأكل، فاقتصر في كل من الصنفين على الامتنان بأغلب ما ينتفع به، فلو لزم من ذلك الحصر في هذا الشق لأضر.

وأما قولهم: لو أبيح أكلها لفاتت المنفعة بها ... إلخ.

فأجيب عنه: بأنه لو لزم من الإذن في أكلها أن تفنى، للزم مثله في البقر وغيرها مما أبيح أكله ووقع الامتنان به.

وإنما أطلت في ذلك.


وإعادة تكثير للسواد فحاصله أنه أجاب عن الوجه الأول من تقرير دليل المنع من الآية بأوجه ثلاثة، وعن الثاني بقوله "وأما عطف البغال والحمير فدلالة العطف إنما هي دلالة اقتران وهي ضعيفة" عند الأصوليين.
وجوابه: إنا لم نستدل بها فقط بل مع الأخبار بأنه خلقها للركوب والزينة وامتنانه بالأكل من الأنعام دونها، "وأما" الوجه الثالث "إنها سيقت مساق الامتنان" فلو كان بالأكل لكان أعظم ... إلخ.
"فالامتنان إنما يقصد به غالب ما كان يقع به انتفاعهم" سواء كان خيلا أو أنعاما، "فخوطبوا بما ألفوا وعرفوا، ولم يكونوا يعرفون أكل الخيل لعزتها في بلادهم بخلاف الأنعام، فإن أكثر انتفاعهم بها كان لحمل الأثقال وللأكل، فاقتصر في كل من الصنفين على الامتنان بأغلب ما ينتفع به، فلو لزم من ذلك الحصر في هذا الشق لأضر", إذ الحصر في الركوب والزينة، فيه نوع مشقة وهذا ممنوع، وسنده أنه لا دليل على كون المقصود بالامتنان غالب ما ينتفع به ولا مشقة في الحصر في الركوب والزينة، فإنهما من أجل النعم الممتن بها، "وأما قولهم: لو أبيح أكلها لفاتت المنفعة بها ... إلخ، فأجيب عنه بأنه لو لزم من الإذن في أكلها أن تفنى للزم مثله في البقر وغيرها" من الإبل، والغنم "مما أبيح أكلها ووقع الامتنان به", وجوابه أن الفرق موجود؛ لأن ما وقع التصريح بالامتنان بأكله لا يقاس عليه ما وقع فيه الامتنان بأنه للركوب والزينة فاللازم ممنوع.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يكره لحوم الخيل، ويقرأ: {وَالْأَنْعَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>