وفي رواية التي أصابها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم "تشتعل عليه نارا" قال الحافظ: يحتمل أن ذلك حقيقة بأن تصير الشملة نفسها نارا فيعذب بها ويحتمل أن المراد أنها سبب لعذاب النار وكذا القول في الشراك، يعني المذكور في بقية الحديث وهو: فجاء رجل حين سمع ذلك بشراك أو شراكين، فقال صلى الله عليه وسلم: "شراك -أو شراكان- من نار". وفيه تعظيم أمر الغلول، ونقل النووي الإجماع على حرمته وفي الصحيح عن عبد الله بن عمر، وقال: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: كركرة. فقال صلى الله عليه وسلم: "هو في النار في عباءة غلها"، وكلام عياض يشعر باتحاد قصته مع قصة مدعم والذي يظهر من عدة أوجه تغايرهم فإن قصة مدعم كانت بوادي القرى ومات بسهم وغل شملة، والذي أهداه للنبي صلى الله عليه وسلم رفاعة بخلاف كركرة، فأهداه هوذة بن علي أي: وغل عباءة ولم يمت بسهم فافترقا. نعم روى مسلم عن عمر لما كان يوم خيبر. قالوا: فلان شهيد, فقال صلى الله عليه وسلم: "كلا إني رأيته في النار في بردة غلها -أو عباءة-". فهذا يمكن تفسيره بكركرة "وصالحه" صلى الله عليه وسلم كما عند البيهقي في حديث أبي هريرة "أهل تيماء" لما بلغهم فتح وادي القرى "على الجزية". زاد البلاذري فأقاموا ببلادهم وأرضهم في أيديهم وولاها صلى الله عليه وسلم يزيد بن أبي سفيان وكان إسلامه يوم فتحها، وروي أن عمر أجلى أهل فدك وخيبر، وتيماء وهو بفتح الفوقية وإسكان التحتية، والمد بلدة معروفة بين الشام والمدينة على نحو سبع مراحل أو ثمان من المدينة، قال: في المطالع من أمهات القرى على البحر من بلاط طيئ ومنها يخرج إلى الشام. "قاله الحافظ مغلطاي" تلخيصا للروايات كما ترى وصالحه أهل فدك حين أوقع بأهل خيبر على أن لهم نصفها وله صلى الله عليه وسلم نصفها فأقرهم على ذلك ولم يأتهم. قال ابن إسحاق: فكانت له خالصة لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب. وقيل: صالحوه على حقن دمائهم والجلاء ويخلو بينه وبين الأموال ففعل.