للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برمحي حتى قتلته. فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أسامة أقتلته بعد ما قال: لا إلا إلا الله"؟. قلت: كان متعوذا. فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.

"الخامسة: سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى يمن وجبار":

ثم سرية بشير بن سعد الأنصاري أيضا إلى يمن وجبار -بفتح الجيم- وهي أرض لغطفان، ويقال لفزارة وعذرة، في شوال سنة سبع من الهجرة، وبعث معه ثلاثمائة


بدل الواو "برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا" المدينة، "بلغ النبي صلى الله عليه وسلم" قتلي له بعد كلمة التوحيد، فقال: "يا أسامة! أقتلته" بهمزة الاستفهام الإنكاري "بعد ما" وفي رواية: "بعد أن". "قال: لا إله إلا الله"، وقد علمت قولي: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله". "قلت" زاد في الديات: يا رسول الله! إنما "كان متعوذا" بكسر الواو المشددة بعدها معجمة، أي لم يكن قاصدا للإيمان بل كان غرضه التعوذ من القتل "فما زال يكررها" أي: قوله: "أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله"؟. زاد في الديات: على شد الياء، وفي مسلم من حديث جندب: أنه صلى الله عليه وسلم قال له: "كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة". "حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم" لآمن جريرة هذه الفعلة، ولم يتمن أن لا يكون مسلما قبل ذلك وإنما تمنى أن يكون إسلامه ذلك اليوم، لأن الإسلام يجب ما قبله.
قال القرطبي: وفيه إشعار بأنه استصغر ما سبق له قبل ذلك من عمل صالح في مقابلة هذه الفعلة لما سمعه من الإنكار الشديد وإنما قال أسامة ذلك على سبيل المبالغة لا الحقيقة قال الكرماني: أو عني إسلاما لا ذنب فيه.
وقال الخطابي: يشبه أنه تأول قوله، {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم ألزم أسامة دية ولا غيرها وفيه نظر فقد روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أمر صلى الله عليه وسلم لأهل مرداس بديته ورد ماله إليهم وقيل: قال له: "أعتق رقبة". والله أعلم.
"الخامسة: ثم سرية بشير" كأمير "ابن سعد الأنصاري أيضا إلى يمن" قال اليعمري: بفتح الياء آخر الحروف وقيل: بضمها وقيل: بالهمزة، مفتوحة ساكنة الميم أي مع فتح أوله وضمه كما في الشامي، ووقع في بعض نسخه الفوقية وهو تحريف، والذي في نسخه الصحيحة التحتية "وجبار بفتح الجيم" وبموحدة مخففة وبعدها ألف وراء "وهي أرض لغطفان" كما عند ابن سعد، "ويقال لفزارة" كما قال الحازمي: "وعذرة في شوال سنة سبع من الهجرة وبعث مع ثلاثمائة

<<  <  ج: ص:  >  >>