للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحاكم في الإكليل: تواترت الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم لما أهلّ ذو القعدة -يعني سنة سبع- أمر أصحابه أن يعتمروا قضاء لعمرتهم التي صدهم المشركون عنها بالحديبية، وأن لا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية، فلم يتخلف منهم إلا رجال استشهدوا بخيبر ورجال ماتوا.

وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين ألفان، واستخلف على المدينة أبا رهم الغفاري، وساق عليه الصلاة والسلام ستين بدنة


هذا المبحث وهو في فتح الباري "قال الحاكم في الإكليل: تواترت الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم لما أهل ذو القعدة يعني سنة سبع".
روى يعقوب ابن سفيان، في تاريخه بإسناد حسن عن ابن عمر قال: كانت عمرة القضية في ذي القعدة سنة سبع "أمر أصحابه أن يعتمروا لعمرتهم التي صدهم المشركون عنها بالحديبية" هذا ظاهر فيما قاله أبو حنيفة، ويجيب الجمهور عنه بأن معنى قضاء عوض عنها لا قضاء واجب "و" أمر "أن لا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية فلم يتخلف منهم" أحد "إلا رجال استشهدوا بخيبر ورجال ماتوا".
وعند الواقدي: فقال رجال من حاضري المدينة من العرب: يا رسول الله! والله ما لنا من زاد وما لنا من يطعمنا, فأمر صلى الله عليه وسلم المسلمين أن ينفقوا في سبيل الله وأن يتصدقوا وأن يكفوا أيديهم فلا يهلكوا فقالوا: يا رسول الله بم نتصدق وأحدنا لا يجد شيئا، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما كان ولو بشق تمرة".
وروى البخاري والبيهقي وغيرهما عن حذيفة ووكيع، والبيهقي عن ابن عباس، وابن جرير عن عكرمة ووكيع عن مجاهد، قالوا في قوله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} . إن التهلكة ترك النفقة في سبيل الله وليس التهلكة أن يقتل ارجل في سبيل الله، ولكن الإمساك في سبيل الله أنفق ولو شقصا.
"وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين ألفان" سوى النساء والصبيان "واستخلف على المدينة" فيما قال الواقدي، وابن سعد "أبا رهم" بضم الراء، وسكون الهاء كلثوم بن الحصين "الغفاري" الصحابي المشهور، وقال ابن هشام: عويف بن الأضبط الديلمي بضاد معجمة وطاء مهملة.
وقال البلاذري: أبا ذر، ويقال: عويفا وهو مصغر عوف، ويقال فيه: عويث بمثلثة بدل الفاء "وساق عليه الصلاة والسلام ستين بدنة" كما للواقدي عن محمد بن إبراهيم التيمي وعن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام قلد هديه بيده وعن عبد الله بن دينار أنه جعل عليها ناجية بن جندب الأسلمي يسير بها أمامه يطلب الرعي في الشجر معه أربعة فتيان من أسلم رواهما الواقدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>