للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران وقدم السلاح إلى بطن يأجج -كيسمع وينصر ويضرب- موضع بمكة، حيث ينظر إلى أنصاب الحرم، وخلف عليه أوس بن خولى الأنصاري في مائتي رجل.

وخرجت قريش من مكة إلى رءوس الجبال.

وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي أمامه، فحبس بذي طوى، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته القصواء، والمسلمون متوشحون السيوف


وإنا على كتابنا ومدتنا ففيم يغزونا محمد في أصحابه وبعثوا مكرزا في نفر من قريش حتى لقوه ببطن يأجج وهو في أصحابه والهدي والسلاح قد تلاحق، فقالوا: والله ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر تدخل بالسلاح في الحرم على قومك وقد شرطت لهم أن لا تدخل إلا بسلاح المسافر، فقال: "إني لا أدخل عليهم بسلاح". فقال مكرز: هو الذي تعرف به البر والوفاء، ثم رجع بأصحابه إلى مكة، فقال: إن محمدًا على الشرط الذي شرط لكم.
رواه الواقدي "ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران وقدم السلاح إلى بطن يأجج" بتحتية فهمزة ساكنة فجيمين بتثليث الجيم "كيسمع وينصر ويضرب" هذا لفظ القاموس في فصل الهمزة من باب الجيم، وهو الذي سمعه شيخنا واقتصر في فصل الياء على أنه كيمنع. وهو الذي رآه صاحب النور، وقد ذكره المجد أيضا في كتاب المثلث له.
واقتصر ابن الأثير على كسر الجيم "موضع" بالجر بدل والرفع خبر محذوف، "بمكة" أي قربها أو نواحيها فلا ينافي قول ابن الأثير على ثمانية أميال من مكة، وأفاده قوله: "حيث" ظرف مكان "ينظر" من به "إلى أنصاب الحرم" أي أعلام حدوده "وخلف" بشد اللام أي أخر "عليه" حافظا له "أوس بن خولى" بفتح المعجمة وفتح الواو ضبطه العسكري في كتاب التصحيف.
واقتصر عليه في التبصير "الأنصاري" الخرجي البدري المتوفى في أواخر خلافة عثمان "في مائتي رجل،" قال ابن سعد، ثم خلفهم مثلهم حتى قضى الكل مناسك عمرتهم رضي الله عنهم، "وخرجت قريش" أي أكابرهم وأشرافهم، كما في العيون وغيرها "من مكة إلى رءوس الجبال" عداوة الله ولرسوله، ولم يقدروا على الصبر على رؤيته يطوف البيت هو وأصحابه.
وفي رواية خرجوا استنكافا أن ينظروا إليه صلى الله عليه وسلم وحنقا بفتح المهملة والنون وقاف أي: غيظا, فهو مساو, ونفاسة أي: حسدا يقال: نفس بالشيء بالكسر حسده عليه ولم يره أهلا له. "وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي أمامه، فحبس" أي ترك "بذي طوى" بتثليث الطاء واد بقرب مكة يصرف ولا يصرف إليه، كما في الشامية حتى يفرغ من عمرته ويحضره للنحر. "وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم" راكبا "على راحلته" ناقته "القصواء" كحمراء "والمسلمون متوشحون السيوف".

<<  <  ج: ص:  >  >>