وقد روى أحمد ومسلم وأبو داود عن عوف بن مالك أن رجلا من أهل اليمن رافقه فقتل روميا وأخذ سلبه فاستكثره خالد فشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على أن ذلك كان بعد قيام خالد بالإمرة، وهو يرجح أنه لم يقتصر على حوز المسلمين والنجاة بهم بل باشر القتال. "وقال ابن سعد إنما انهزم المسلمون" هو الذي قدمه قبل قول الحاكم. فلو قال عقب قوله من المسلمين. قاله ابن سعد لكفى. "وقال ابن إسحاق انحازت كل طائفة" عن الأخرى "من غير هزيمة". قال: أعني ابن إسحاق وقد وقع كذلك في شعر القيس بن المسحر فذكره، ثم قال فبين ما اختلل فيه الناس أن القوم تحاجزوا وكرهوا الموت وحقق انحياز خالد بمن معه، قال اليعمري: وهو المختار. لكن قال الشامي وافق ابن إسحاق شرذمة فسمي فتحا ونصرا باعتبار ما كانوا فيه من إحاطة العدو وتكاثرهم عليهم وكان مقتضى العادة أن يقتلوا بالكلية وهو محتمل لكنه خلاف ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: "يفتح على يديه". والأكثرون على أن خالدا والمسلمين قاتلوا المشركين حتى هزموهم، ففي حديث أبي عامر عند ابن سعد أن خالدا لما حمل اللواء حمل على القوم فهزمهم أسوأ هزيمة ما رأيتها قط حتى وضع المسلمون أسيافهم حيث شاءوا ونحوه عن الزهري وعروة، وابن عقبة، وعطاف بن خالد، وابن عائذ وغيرهم، وهو ظاهر الحديث. انتهى ملخصا، وقال في فتح الباري: اختلف أهل النقل في المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: "حتى فتح الله عليهم". هل كان هناك قتلا فيه هزيمة للمشركين، أو المراد بالفتح انحيازه بالمسلمين حتى رجعوا سالمين. ففي رواية ابن إسحاق عن محمد بن جعفر عن عروة: فجاش خالد الناس ودافع وانحاز وانحيز عنه، ثم انصرف بالناس، وهذا يدل على الثاني ويؤيده ما عند سعيد بن منصور عن سعيد ابن أبي هلال بلاغا، قال: فأخذ خالد الراية فرجع بالمسلمين على جهة، ورمى واقد بن عبد الله التميمي المشركين حتى ردهم الله. وذكر ابن سعد عن أبي عامر أن المسلمين انهزموا لما قتل ابن رواحة حتى لم أر اثنين جميعا، ثم اجتمعوا على خالد وعند الواقدي من طريق عبيد الله بن الحارث بن فضيل عن أبيه،