وأما سرية الغابة فقال ابن إسحاق: كان من حديثها فيما بلغني، عمن لا أتهم عن ابن أبي حدرد، قال: تزوجت امرأة من قومي، وأصدقتها مائتي درهم، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أستعينه فقال: "وكم أصدقت". قلت: مائتي درهم، قال: "سبحان الله لو كنتم تأخذون الدراهم من بطن واد ما زدتم، والله ما عندي ما أعينك به". فلبثت أياما. وأقبل رفاعة بن قيس، أو قيس بن رفاعة، في بطن عظيم من بني جشم، فنزل بمن معه بالغابة، يريد جمع قيس على حربه صلى الله عليه وسلم، فدعاني صلى الله عليه وسلم، ورجلين، فقال: "اخرجوا إلى هذا الرجل، حتى تأتونا منه بخبر وعلم". فخرجنا ومنا النبل، والسيوف حتى جئنا قريبا من الحاضر مع غروب الشمس. فكمنت في ناحية، وأمرت صاحبي، فكمن في ناحية، وقلت لهما إذا سمعتماني قد كبرت، وشددت على العسكر، فكبرا وشدا معي فوالله إنا لننتظر غرة القوم وأن نصيب منهم شيئا، وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء، وقد كان لهم راع، قد سرح فأبطأ عليهم حتى تخوفوا عليه، فقام رفاعة بن قيس، فجعل سيفه في عنقه، ثم قال: لأتبعن أثر راعينا هذا، لقد أصابه شر، فقال له نفر ممن معه: نحن نكفيك، قال: والله لا يذهب إلا أنا، قالوا فنحن معك، قال: والله لا يتبعني أحد منكم، فخرج حتى يمر بي فرميته بسهمي، فوضعته في فؤاده فوالله ما تكلم، ووثبت إليه فاحترزت رأسه وشددت في ناحية العسكر، وكبرت وشد صاحباي، وكبرا فوالله ما كان إلا النجاء ممن فيه عندك بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم، وما خف من أموالهم واستقنا إبلا عظيمة، وغنما كثيرة، فجئنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجئت برأسه أحمله معي، فأعانني صلى الله عليه وسلم، من تلك الإبل بثلاثة عشر بعيرا فجمع إلى أهلي، وأما الواقدي وهو محمد بن عمر، فجعل هذه القصة مع قصة أبي قتادة إلى خضرة التي قبل هذه واحدة، وساق بسند له عن ابن أبي حدرد، قال: تزوجت ابنة سراقة بن حارثة النجاري، وقد قتل ببدر، فلم أصب شيئا من الدنيا كان أحب إليَّ