للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء ودخل الناس في دين الله أفواجا، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجا".

خرج له صلى الله عليه وسلم بكتائب الإسلام وجنود الرحمن لنقض قريش العهد الذي وقع بالحديبية فإنه كان قد وقع الشرط: أنه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فعل، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فعل. فدخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدهم، ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده.


طول استيلائهم عليه، وعبادتهم لغير الله فيه، فجعله مثابة لعامة من قصده من المسلمين.
"وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء وضربت أطناب" جمع طنب بضمتين وهو حبل الخباء الخمية، "عزه" استعارة بالكناية شبه العز بخباء متين، وأثبت الإطناب تخييلا، "على مناكب الجوزاء" بفتح الجيم وسكون الواو، وبالزاي والمد، يقال: إنها تعرض في جوز السماء، أي وسطها ولا استعارة فيها، ولا في مناكب أيضا لأنها اسم لنجوم متصلة بها، "ودخل الناس في دين الله أفواجا" جماعات جمع فوج، جاءوا بعد الفتح من أقطار الأرض طائعين، "وأشرق به وجه الأرض" وفي نسخة الدهر، "ضياء وابتهاجا" سرورا "خرج له صلى الله عليه وسلم بكتائب" بالفوقية جمع كتيبة، وهي القطعة من الجيش، "الإسلام وجنود الرحمن" أي الملائكة لما ورد أنها تحضر مواضع قتال المسلمين، مع الكفار وإن لم تقاتل، فالعطف مباين أو عام على خاص، إن أريد بجنوده ما يشمل الملائكة وغيرهم، وهذا أحسن من أنه مساو، "لنقض قريش العهد الذي وقع بالحديبية" في شعبان سنة ثمان على رأس اثنين وعشرين شهرا، من صلح الحديبية.
روى الواقدي أنه صلى الله عليه وسلم ال لعائشة صبيحة وقعة خزاعة: "لقد حدث يا عائشة في خزاعة أمر". فقالت: أترى قريشا تجترئ على نقض العهد الذي بينك وبينهم وقد أفناهم السيف؟ فقال: "ينقضون العهد لأمر يريده الله". قالت: يا رسول الله خير. قال: "خير". "فإنه كان قد وقع الشرط". كما رواه ابن إسحاق. حدثني الزهري عن المسور ومروان: "أنه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فعل، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فعل، فدخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدهم، ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده", وكانت حلفاء عبد المطلب، وكان عليه الصلاة والسلام بذلك عارفا، ولقد جاءته خزاعة يومئذ بكتاب عبد المطلب، فقرأه عليه أبي بن كعب وهو: باسمك اللهم هذا حلف عبد المطلب بن هاشم لخزاعة إذا قدم عليه سراتهم وأهل الرأي غائبهم يقر بما قاضى عليه شاهدهم أن بيننا وبينكم

<<  <  ج: ص:  >  >>