للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلا: "لبيك لبيك لبيك -ثلاثا- نصرت نصرت نصرت -ثلاثا". فلما خرج قلت: يا رسول الله سمعتك تقول في متوضئك: "لبيك لبيك لبيك -ثلاثا- نصرت نصرت نصرت -ثلاثا". كأنك تكلم إنسانا فهل كان معك أحد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "هذا راجز بني كعب يستصرخني ويزعم أن قريشا أعانت عليهم بني بكر". ثم خرج عليه الصلاة والسلام فأمر عائشة أن تجهزه ولا تعلم أحدا. قالت: فدخل عليها أبو بكر فقال: يا بنية، ما هذا الجهاز؟ فقالت: والله ما أدري، فقال: والله ما هذا زمان غزو بني الأصفر.


يستوي فيه اسم الفاعل، واسم المفعول، واسم الزمان، والمكان، والمصدر في لفظ واحد، ليلا: "لبيك لبيك لبيك -ثلاثا- نصرت نصرت نصرت". بفتح التاء، فيها خطابا للذي سمعه "ثلاثا، فلما خرج قلت: يا رسول الله سمعتك تقول في متوضئك: "لبيك لبيك لبيك -ثلاثا- نصرت نصرت نصرت -ثلاثا". كأنك تكلم إنسانا فهل كان معك أحد؟ " فقال صلى الله عليه وسلم: "هذا راجز" بجيم وزاي، قائل الرجز نوع من الشعر معروف وصحف من قال، راجل "بني كعب" بطن من خزاعة "يستصرخني" يستغيث بي "ويزعم أن قريشا أعانت عليهم بني بكر" ففي إخباره به قبل قدومه علم من أعلام النبوة باهر، فأما أنه أعلم بذلك بالوحي وعلم ما يصوره الراجز في نفسه، أو يكلمه به أصحابه فأجابه بذلك، وأنه كان يرتجز في سفره، وأسمعه الله كلامه قبل قدومه بثلاث، ولا يعد في ذلك، فقد روى أبو نعيم مرفوعا: "إني لأسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط". الحديث.
قال ميمونة: "ثم خرج عليه الصلاة والسلام" بعد قدوم الوفد، وبديل ثم أبي سفيان كما عند أصحاب المغازي لا قبل مجيئهم كما يوهمه السياق ففيه اختصار، "فأمر عائشة أن تجهزه" بالتثقيل أي: تهيئ له أهبة السفر وما يحتاج إليه في قطع المسافة "ولا تعلم أحدا" وعند ابن إسحاق وابن عقبة، والواقدي، أنه قال: "جهزينا وأخفي أمرك". وقال: "اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم فلا يرونا إلا بغتة، ولا يسمعون بنا إلا فلتة" وأمر جماعة أن تقيم بالأنقاب وكان عمر يطوف على الأنقاب فيقول لا تدعوا أحدا يمر بكم تنكرونه إلا رددتموه وكانت، الأنقاب مسلمة إلا من سلك إلى مكة فإنه يتحفظ منه ويسأل عنه.
"قالت" ميمونة، راوية الحديث: "فدخل عليها" أي على عائشة "أبو بكر، فقال: يا بنية ما هذا الجهاز" بفتح الجيم والكسر لغة قليلة كما في المصباح "فقالت: والله ما أدري، فقال" أبو بكر: "والله ما هذا زمان غزو بني الأصفر", وهم الروم؛ لأن جدهم روم بن عيص بكسر العين ابن إسحاق بن إبراهيم تزوج بنت ملك الحبشة فجاء ولده بين البياض والسواد فقيل له الأصفر أو لأن جدته سارة، حلته بالذهب، وقيل غير ذلك وكأنه خصهم لتوقعهم الغزو إليهم لما فعلوا، مع

<<  <  ج: ص:  >  >>