وعند الواقدي: وطالت غيبته واتهمته قريش أشد التهمة وقالوا: قد صبأ واتبع محمدًا سرا وكتم إسلامه، فلما دخل على هند امرأته ليلا، قالت: لقد غبت حتى اتهمك قومك، فإن كنت مع طول الإقامة جئتهم بنجح، فأنت الرجل، ثم جلس منها مجلس الرجل من امرأته فقالت: ما صنعت؟ فأخبرها الخبر وقال: لم أجد إلا ما قال لي علي فضربت برجلها في صدره، وقالت: قبحت من رسول قوم فما جئت بخير فلما أصبح حلق رأسه عند إساف ونائلة وذبح لهما ومسح بالدم رأسيهما وقال: لا أفارق عبادتكما حتى أموت إبراء لقريش مما اتهموه به، فقالوا له: ما وراءك هل جئت بكتاب من محمد أو زيادة في مدة ما نأمن به أن يغزونا فقال: والله لقد أبى عليّ. ولابن إسحاق كلمته فوالله ما رد عليّ شيئا ثم جئت أبا بكر، فلم أجد فيه خيرا، ثم جئت ابن الخطاب فوجدته أدنى العدو وفي لفظ أعدى العدو وكلمت عليه أصحابه فما قدرت على شيء منهم إلا أنهم يرمونني بكلمة واحدة وما رأيت قوما يوما، أطوع لملك عليهم منهم له. إلا أن عليا، لما ضاقت بي الأمور، قال: أنت سيد بني كنانة، فأجر بين الناس فناديت بالجوار. قالوا: هل أجاز ذلك محمد؟ قال: لا. قالوا: رضيت بغير رضا وجئتنا بما لا يغني عنا ولا عنك شيئا ولعمر الله ما جوارك بجائز وإن إخفارك عليهم لهين والله إن زاد على عليٍّ أن لعب بك تلعبا، فقال: والله ما وجدت غير ذلك. وفي مرسل عكرمة عند ابن أبي شيبة، فقالوا: ما جئتنا بحرب فنحذر ولا بصلح فنأمن "فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غير إعلام أحد بذلك" لعامة الناس أولا فلا ينافي عند ابن إسحاق وغيره ثم إنه صلى الله عليه وسلم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة، وأمرهم بالجد والتهيؤ، وقال: "اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها". فتجهز الناس، وقال حسان يحرضهم ويذكر مصاب