للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنانة، وكانت أعظم أصنامهم. لخمس ليال بقين من رمضان، سنة ثمان، ومعه ثلاثون فارسا لهدمها، فلما انتهوا إليها هدمها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأخبره. فقال: "هل رأيت شيئا"؟ قال: لا. قال: "فإنك لم تهدمها، فارجع إليها فاهدمها". فرجع فجرد سيفه فخرجت إليه امرأة عجوز عريانة سوداء ثائرة الرأس، فجعل السادن.


كنانة", قال ابن إسحاق وابن سعد: وكان سدنتها وحجابها بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم، قال ابن هشام: حلفاء أبي طالب خاصة، "وكانت أعظم أصنامهم" أجلها بزعمهم الفاسد، لا أنها أعظم جسما من غيرها، وذلك أن عمرو بن لحي أخبرهم أن الرب يشتي عند اللات، ويصيف عند العزى، فعظموها وبنوا لها بيتا، وكانوا يهدون إليها كما يهدون للكعبة، ويعظمونها كتعظيمها، ويطوفون وينحرون عندها، وهم يعرفون فضل الكعبة عليها؛ لأنها بيت إبراهيم ومسجده، "لخمس ليال بقين من رمضان سنة ثمان" كما قاله ابن سعد وغيره، وذكر ابن إسحاق: أنها كانت بعد سرية خالد إلى بني جذيمة، ونظر فيه مغلطاي بأنه صلى الله عليه وسلم كان قد وجد على خالد في أمر بني جذيمة، ولا يتجه إرساله في بعث، وأجاب الشامي بأنه إن صح فوجهه أنه صلى الله عليه وسلم رضي عليه وعذره في اجتهاده. "ومعه ثلاثون فارسا لهدمها".
قال ابن إسحاق: فلما سمع سادنها السلمي بسير خالد إليها، علق سيفه وأسند في الجبل الذي هو فيه، وهو يقول:
يا عز شدي شدة لا سوى لها ... على خالد ألقي القناع وشمري
يا عز إن لم تقتلي المرء خالدا ... فبوئي بإثم عاجل أو تنصري
"فلما انتهوا إليها هدمها", أي: دم البيت التي هي فيه، وكان على ثلاث سمرات كما رواه البيهقي عن أبي الطفيل، بفتح المهملة وضم الميم فقطعها وهدم البيت وكسر الصنم، "ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأخبره"، فقال: "هل رأيت شيئا" خرج منها حين هدمتها؟ "قال: لا". قال: "فإنك لم تهدمها" الهدم الأبدي المزيل لها حقيقة، فإن الذي فعلته هو إزالة الصورة الظاهرة، وبقي أمر خفي لا تزول إلا بزواله، "فارجع إليها فاهدمها". "فرجع" خالد.
قال ابن سعد وهو متغيظ، "فجرد سيفه فخرجت إليه امرأة عجوز عريانة سوداء ثائرة الرأس" بمثلثة، أي منتشرة الشعر.
زاد في حديث أبي الطفيل تحثو التراب على رأسها ووجهها "فجعل السادن" بفتح السين

<<  <  ج: ص:  >  >>