قال الحافظ: والعذر لمن انهزم من غير المؤلفة، أن العدو كانوا ضعفهم في العدد، وأكثر من ذلك. انتهى، بل في النور أنهم كانوا أضعاف المسلمين، وما وقع في البيضاوي والبغوي ونحوهما: أن ثقيف وهوازن كانوا أربعة آلاف إن صح، فلا ينافيه لأنهم انضم إليهم من العرب ما بلغوا به ذلك، فقد مر أنهم أقاموا حولا يجمعون لحربه عليه السلام، لا أنهم باعتبار ما معهم من نساء ودواب يرون ضعفا وأضعاف المسلمين وإن كانوا في نفس الأمر أربعة آلاف، لأن بعده لا يخفى، كما كتبناه عن شيخنا في التقرير، أي لأن فيه رد كلام الحفاظ الثقات الأثبات بلا دليل، فإن أربعة داخلة في الزائد، فلا يصح رد الزائد إليها، بهذا الحمل المتعسف الذي يأباه قول مالك بن عوف تلقونه بعشرين ألف سيف، فإن البهائم لا سيوف معها، ثم كون هذا سبب انكشافم، وأنهم بمجرد التلاقي ولوا مدبرين، هو ما وقع عند ابن سعد وغيره، ورواه ابن إسحاق وأحمد وابن حبان عن جابر: لما استقبلنا وادي حنين انحدرنا في واد أجوف خطوط له مضايق وشعوب، وإنما ننحدر فيه انحدارا، وفي عماية الصبح: وقد كان القوم سبقونا إلى الوادي، فكمنوا في شعابه، وأجنابه، ومضايقه وتهيئوا وأعدوا، فوالله ما راعنا ونحن محيطون إلا الكتائب قد شدو علينا شدة رجل واحد، وكانوا رمة، وانحاز صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، ثم قال: "أيها الناس هلم إلي، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله"، قال: فلأي شيء حملت الإبل بعضه على بعض، فانطلق الناس. وفي حديث البراء عند البخاري، كما يأتي: أن هوازن كانوا رماة، ولما حمل المسلمون عليهم كشفوهم فأكبوا على المغانم، فاستقبلوهم بالسهام، فهذا صريح في أنهم لم يفروا بمجرد التلاقي، بل قاتلوا المشركين حتى كشفوهم، واشتغلوا بالغنيمة وذكر الحافظ السببين ولم يجمع بينهما، "ولم يثبت معه صلى الله عليه وسلم يومئذ إلا العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب". قال أنس: وكان يومئذ أشد الناس قتالا بين يديه، رواه أبو يعلى والطبراني لرجال ثقات،