وفي حديث أنس عند أحمد والحاكم وغيرهما قال: جاءت هوازن بالنساء والصبيان، والإبل والغنم فجعلوهم صفوفا ليكثروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتقى المسلمون والمشركون، فولى المسلمون مدبرين، كما قال تعالى، وبقي صلى الله عليه وسلم وحده، فقال: "يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله"، ونادى صلى الله عليه وسلم نداءين لم يخلط بينهما كلام فالتفت عن يمينه، فقال: "يا معشر الأنصار أنا عبد الله ورسوله"، فقالوا: لبيك يا رسول الله نحن معك، ثم التفت عن يساره، فقال: "يا معشر الأنصار، أنا عبد الله ورسوله"، فقالوا: لبيك يا رسول الله نحن معك، فهزم الله المشركين، ولم يضرب بسيف، ولم يطعن برمح، "ثم اقتحم عن فرسه". قال الشامي: هي رواية شاذة، والصحيح أنه كان على بغلة انتهى، ويحتمل أنه عبر عنها بالفرس مجازا لشبهها بها في الإقدام بحيث كان العباس يكفها، ونزوله بعد انخفاضها به وأخذه الحصى ورميهم به، كما مر فلا تنافي. قال العلماء: وفي نزوله عن البغلة، حين غشوه مبالغة في الشجاعة والثبات والصبر، وقيل فعله موأساة لمن كان نازلا على الأرض من المسلمين. انتهى، فزعم أن الراوي لم يتأمله تحقيقا لكثرة الناس، وظن بانخفاضها نزوله عنها توهيم للرواة الأثبات بلا داعية، فقد أمكن الجمع بدون توهيم فنزوله عنها ثبات في الصحيحين وغيرهما، "فأخذ كفا من تراب. قال" أبو عبد الرحمن المذكور: "فأخبرني الذي كان أدنى" أقرب "إليه مني أنه ضرب به وجوههم، وقال: "شاهت الوجوه". فهزمهم الله تعالى". ولأبي يعلى، والطبراني برجال ثقات عن أنس: أنه صلى الله عليه وسلم أخذ يوم حنين كفا من حصباء