روى البخاري في التاريخ والبيهقي عن عمرو بن سفيان قال: قبض صلى الله عليه وسلم يوم حنين قبضة من الحصى، فرمى بها وجوهنا، فما خيل إلينا إلا أن كل حجر وشجر فارس يطلبنا، وعند ابن عساكر عن الحارث بن زيد مثله، ليس في هذا كله ما ينفي قتال الصحابة، فإنهم حين صرخ بهم العباس عادوا فقاتلوا بأمره عليه السلام، وأشرف عليهم، وقال: "الآن حمي الوطيس"، فأخذ القبضة، ورمى بها، فانهزموا، ولا ينافيه ما وقع عند أبي نعيم بسند ضعيف عن أنس بلفظ: فأخ حفنة من تراب، فرمى بها في وجوههم، وقال: "حم لا ينصرون"، فانهزم القوم وما رمينا بسهم، ولا طعنا برمح؛ لأن نفيهما لا ينفي اجتلادهم بالسيوف، وقد ثبت في حديث شيبة فأقبل المسلمون والنبي يقول: "أنا النبي لا كذب" فجالدوهم بالسيوف، فقال: "الآن حمي الوطيس". "وروى أبو جعفر" محمد "بن جرير" الطبري الحافظ المجتهد "بسنده", وكذا رواه البيهقي وابن عساكر ومسدد كلهم "عن عبد الرحمن بن مولى"، كذا في النسخ وصوابه، كما في رواية المذكور ابن مولى أم برثن، وفي التقريب عبد الرحمن بن آدم البصري، صاحب السقاية، مولى أم برثن، بضم الموحدة وسكون الراء بعدها مثلثة مضمومة ثم نون, صدوق من الثالثة، روى له مسلم وأبو داود، "عن رجل كان في المشركين يوم حنين قال: لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقوموا لنا" لم يصبروا لقتالنا، "حلب شاة" أي مقدار حلبها، بل ولو أمن رشق النبل ونيتهم العود، "فلما لقيناهم جعلنا نسوقهم" ونحن متبعوهم "في آثارهم". وفي رواية فبينا نحن نسوقهم في أدبارهم، "حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فتلقانا عنده رجال بيض الوجوه حسان، فقالوا لنا: شاهت الوجوه ارجعوا، فانهزمنا وركبوا أكتافنا" أي تمكنوا منا تمكنا تاما، واتصلوا بنا حتى كأنهم ركبوا أكتافنا.