أقول قولي هذا واستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات والسلام عليكم، فقام الزبرقان، فقال قصيدة، وكان حسان غائبا، فبعث إليه صلى الله عليه وسلم فلما فرغ قال: "يا حسان قم فأجب الرجل"، فقام فأجابه والقصيدتان في ابن إسحاق، وسيكون لنا إن شاء الله تعالى عودة لذكرهما، حيث ذكر المصنف بعض القصيدة في ترجمة حسان. قال ابن إسحاق: فلما فرغ حسان، قال الأقرع بن حابس: وأبي إن هذا الرجل المؤتى له لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره من شاعرنا، ولأصواتهم أعلى من أصواتنا، فلما فرغ القوم أسلموا وجوزهم، فأحسن جوائزهم، قال: "ونزل فيهم": من القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} من خارجها، خلفها أو قدامها؛ لأن وراء في الأصل مصدر جعل ظرفا فيضاف للفاعل، ويراد به ما يتوارى به وهو خلفه، وللمفعول ويراد به ما يواريه وهو قدامه، ولذا عد من الأضداد، والمراد حجرات نسائه ومناداتهم من ورائها إما بأنهم أتوها حجرة، حجرة، فنادوه، أو تفرقوا عليها متطلبين له؛ لأنهم لم يعلموه بأيها مناداة الأعراب بغلظة وجفاء: {أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُون} محلك الرفيع وما يناسبه من التعظيم، إذ العقل يقتضي حسن الأدب، وفيه تسلية الرسول وتلميح بالصفح عنهم، "ورد عليهم صلى الله عليه وسلم الأسرى والسبي"، بفداء النصف، والمن على النصف، كما روي عن ابن عباس أو من على الكل تفضلًا بعد إسلامهم ترغيبا لهم فيه، وإن وافقهم قبل على فداء النصف، وهذا هو الظاهر من مزيد كرمه صلى الله عليه وسلم، وإن جزم ابن إسحاق بأنه أعتق بعضا، وفادى بعضًا. وقد روى ابن شاهين وغيره من طريق المدائني، عن رجاله قالوا: لما أصاب عيينة بن حصن بني العنبر من بني تميم، قدم وفدهم، فذكر القصة وفيها فكلم الأقرع بن حابس رسول الله صلى الله عليه وسلم في السبي، وكان بالمدينة قبل قدوم السبي، فنازعه عيينة بن حصن، وفي ذلك