للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصواتهما، فنزل في ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١] حتى انقضت، أي لا تقدموا القضاء في الأمر قبل أن يحكم الله ورسوله فيه.

ولما نزل: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} [الحجرات: ٢] أقسم أبو بكر لا يتكلم بين يدي رسول الله إلا كما يسارر الرجل صاحبه،


ارتفعت أصواتهما" في ذلك فنزلت في ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١] حتى انقضت أي الآية، كما هو رواية البخاري في التفسير، "أي لا تقدمو القضاء" فالمفعول محذوف ليذهب الوهم إلا كل ما يمكن أو تركه؛ لأن القصد نفي التقديم رأسا "في الأمر قبل أن يحكم الله ورسوله فيه".
وفي البخاري قال مجاهد: لا تقدموا لا تقتاتوا على رسول الله حتى يقضي الله على لسانه، قال الزركشي: الظاهر أن هذا التفسير على قراءة ابن عباس ويعقوب، بفتح التاء، والدال، والأصل لا تتقدموا، فحذف إحدى التاءين.
قال الدماميني: بل هو متأت على القراءة المشهورة أيضا فإن قدم بمعنى تقدم قال الجوهري: وقدم بين يديه أي تقدم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١] . ا. هـ.
وروى ابن المنذر عن الحسن: أن ناسا ذبحوا قبله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فأمرهم أن يعيدوا، وزلت الآية، وأخرج الطبراني عن عائشة أن ناسا كانوا يتقدمون الشهر، فيصومون قبله صلى الله عليه وسلم، فنزلت، وروى ابن جرير عن قتادة: ذكر لنا أن ناسا كانوا يقولون: لو أنزل في كذا، فنزلت ولا شك أن الأصح الأول لكونه مروي البخاري ويحتمل تعدد الأسباب، وقد قال الفخر الرازي: الأصح أنه إرشاد عام يشمل الكل، ومنع مطلق يدخل فيه كل افتيات، وتقدم واستبداد بالأمر، وإقدام على فعل غير ضروري بلا مشاورة، "ولما نزل" بسبب المماراة أيضا: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: ٢] .
قال المصنف: أي إذا كلمتموه؛ لأنه يدل على قلة الاحتشام وترك الاحترام، ومن خشي قلبه ارتجف، وضعفت حركته الدافعة، فلا يخرج منه الصوت بقوة، ومن لم يخف بالعكس، وليس المراد بنهي الصحابة عن ذلك أنهم كانوا مباشرين ما يلزم منه الاستخفاف والاستهانة، فكيف وهم خير الناس، بل المراد أن التصويت بحضرته مباين لتوقيره وتعزيره. ا. هـ.
"أقسم أبو بكر لا يتكلم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كما يسارر الرجل صاحبه"، وفي البخاري: من وجه آخر عن أبن أبي ملكية كاد الخيران أن يهلكا أبو بكر وعمر رفعا أصواتهما عند

<<  <  ج: ص:  >  >>