قال الحافظ: وما يؤيد أنه كان في الفتح رجلا أنه قدم في فداء ابن عم أبيه الحارث بن أبي وجرة لما أسر يوم بدر، فافتداه بأربعة آلاف. حكاه أهل المغازي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] يعني جنسها. ففي حديث الحارث عند أحمد وغيره، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] إلى قوله {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات: ٨] ولا يشكل تسميته فاسقا بإخباره عنهم بذلك على ظنه للعداوة ورؤية السيوف، وذلك لا يقتضي الفسق؛ لأن المراد الفسق اللغوي، وهو الخروج عن الطاعة، وسماه فاسقا لإخباره بخلاف الواقع على المبعوث إليهم لا الشرعي الذي هو من ارتكب كبيرة أو أصر على صغيرة العدالة الصحابة، وقد صرح بعضم: بأن كون ذلك مدلول الفسق لا يعرف لغة إنما هو مدلول شرعي، "فقرأ عليهم صلى الله عليه وسلم القرآن، وبعث معهم عباد بن بشر" الأنصاري البدري، من قدماء الصحابة، أسلم قبل الهجرة، وأبلى يوم اليمامة، فاستشهد بها، يأخذ صقدات أموالهم، ويعلمهم شرائع الإسلام، ويقرئهم القرآن" بعد أن كان بعد خالد بن الوليد لاستكشاف الخبر، فروى عبد الرزاق وغيره، عن قتادة وعكرمة ومجاهد: أنه صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد في عسكر، وأمره أن يخفي عنهم قدومه، فلما دنا منهم بعث عيونا ليلا، فإذا هم ينادون بالصلاة ويصلون، فأتاهم خالد، فلم ير منهم إلا طاعة وخيرًا، فرجع إليه صلى الله عليه وسلم فأخبره، فنزلت الآية، فبعث معهم عبادا الجمل الثلاث التي ذكرها المصنف.