للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان حرا شديدا، وجدبا كثيرا فلذلك لم يور عنها كعادته في سائر الغزوات.

وفي تفسير عبد الرزاق عن معمر عن ابن عقيل قال: خرجوا في قلة من الظهر وفي حر شديد، حتى كانوا ينحرون البعير فيشربون ما في كرشه، من الماء، فكان ذلك عسرة في الماء وفي الظهر وفي النفقة، فسميت غزوة العسرة.

وسببها أنه بلغة عليه الصلاة.


وذكر غير المغازي إنما هو تتميم، فاتكل على المعلوم من أنها قبلها، مع أنه لم يلتزم ترتيبا هذا ما ظهر لي، فإن انقدح وإلا فما البخاري بأولى بالخطأ مني، "وكان" زمن خروجه حرا شديدا، وعند ابن عقبة عن الزهري جدبا قيظا شديدا في ليالي الخريف "وجدبا" بفتح الجيم، وإسكان المهملة وموحدة قحطا "كثيرا، فلذلك لم يور" بشد الراء لم يستر ويكن "عنها"، والتورية ذكر لفظ يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر، فيتوهم إرادة القريب، وهو يريد البعيد، والمتكلم صادق، لكن الخلل وقع من فهم السامع، خاصة وأصله من ورى الإنسان، كأنه ألقى البيان وراء ظهره "كعادته في سائر" باقي "الغزوات" التي قبل هذه لئلا يتفطن العدو، فيستعد للدفع كما رواه البخاري ومسلم في حديث كعب بن مالك قال: لم يكن صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة، غزاها في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا، وغزا عدوا كثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوتهم، فأخبرهم بوجهه الذي يريد، وللبخاري في الجهاد عنه: كان صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة إلا ورى بغيرها، ولا خلف بينهما بحمل القلة على النفي المطلق، المنتهى، إلى العدم للرواية الأولى خصوصا، والمخرج متحد وجلي بشد اللام، كما قال الزركشي، والحافظ والدماميني أي أظهر، وجوز الأخيران تخفيفها.
وزعم العيني أنه خطأ، وفي تفسير عبد الرزاق" ابن همام الحافظ الثقة، الصنعاني المشهور "عند شيخه معمر" بن راشد الأزدي مولاهم البصري، نيل اليمن الحافظ، الثقة الثبت، كلاهما من رجال الكتب الستة، "عن" عبد الله بن محمد "بن عقيل" بتفح العين وكسر القاف، فنسبه لجده ابن أبي طالب الهاشمي أبي محمد المدني أمه زينب بنت على صدوق، مات بعد الأربعين ومائة "قال: خرجوا في قلة من الظهر" مع كثرتهم "وفي حر شديد حتى كانوا ينحرون البعير، فيشربون ما في كرشه من الماء" حتى أغاثهم الله ببركته صلى الله عليه وسلم، كما يأتي، "فكان ذلك عسرة" شدة "في الماء، وفي الظهر وفي النفقة، فسميت غزوة العسرة" أي الشدة والضيق.
"و" اختلف في سببها فقال ابن سعد وشيخه الواقدي وغيرهما: "سببها أنه بلغه عليه الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>