للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصبت بين يديه، فجعل صلى الله عليه وسلم يقول بيده ويقلبها ظهرا لبطن ويقول: "غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت، وما هو كائن إلى يوم القيامة، ما يبالي ما عمل بعدها".

ولما تأهب رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج قال قوم من المنافقين: لا تنفروا في الحر، فنزل قوله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ


يمنع ذلك رواية ابن عدي بلفظ جاء المفيدة أن بعث من تعبير الرواة لاتحاد المخرج، "فصبت بين يديه، فجعل صلى الله عليه وسلم يقول بيده" أي يفعل بها، فقوله "ويقلبها" بيان للقول المذكور، والضمير عائد للدنانير بدليل قوله في الرواية التي فوقها يقلبها في حجره والحديث يفسر بعضه بعضا ظهرا لبطن، أي ما ظهر منها لما بطن تعجبا من كثرتها وسماحته بها في سبيل الله.
هذا هو المتبادر، وقال شيخنا: أي يجعل بطن يده تارة إلى السماء، وظهرها إليها أخرى، ولعله كان تارة يدعو برفع البلاء، فيجعل ظهرها إلى السماء، وتارة بطلب النصر، ونحوه فيجعل بطنها ولك الترجيح، "ويقول: "غفر الله لك يا عثمان ما أسررت، وما أعلنت، وما هو كائن إلى يوم القيامة ما يبالي ما عمل بعدها"، بشارة عظيمة بأن الله غفر له الذنوب، أي سترها عنه، فمنعه منها ببركة دعائه له، ونفقته في سبيل الله، فليس يبالي بما عمل إذ لا يقع منه إلا الخير.
وقال ابن هشام: حدثني من أثق به أن عثمان أنفق ألف دينار غير الإبل، والزاد وما يتعلق بذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض" ومعلوم أن الألف دينار غير الإبل والزاد وما يتعلق بذلك.
وقد روى الطيالسي، وأحمد والنسائي عن الأحنف بن قيس: سمعت عثمان يقول لسعد بن أبي وقاص، وعلى، والزبير وطلحة: أنشدكم الله تعالى هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من جهز العسرة غفر الله له فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما ولا عقالا". قالوا: اللهم نعم.
وروى عبد الله في زوائد المسند والترمذي والبيهقي عن عبد الرحمن بن خباب بمعجمة وموحدتين الأولى ثقيلة. قال: خطب صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة فقال عثمان: عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها، ثم نزل مرقاة أخرى من المنبر ثم حث فقال عثمان: عليَّ مائة بعير أخرى بأحلاسها وأقتابها ثم نزل مرقاة أخرى من المنبر ثم حث فقال عثمان: عليَّ مائة بعير أخرى بأحلاسها وأقتبابها ثم نزل مرقاة أخرى فحث فقال عثمان: عليَّ مائة بعير أخرى بأحلاسها وأقتباها قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بيده، هكذا يحركها كالمتعجب "ما على عثمان بعد هذا اليوم" أو قال "بعدها " ولما تأهب صلى الله عليه وسلم للخروج قال" كما رواه ابن إسحاق عن شيوخه "قوم من المنافقين" بعضهم لبعض "لا تنفروا" تخرجوا إلى الجهاد "في الحر" زهادة في الجهاد وشكا في الحق وإرجافا بالرسول، "فنزل قوله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّم

<<  <  ج: ص:  >  >>