للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخذ الشفرة ثم أقبل إلى إساف ونائلة -صنمين عند الكعبة تذبح وتنحر عندهما النسائك- فقام إليه سادة قريش فقالوا: ما تريد أن تصنع؟ فقال: أوفي بنذري، فقالوا: لا ندعك أن تذبحه حتى تعذر فيه إلى ربك، ولئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتي بابنه فيذبحه وتكون سنة. وقالوا: له: انطلق إلى فلانة الكاهنة. قلت:


وأخذ الشفرة" بفتح الشين المعجمة وسكون الفاء، وهي السكين العظيم؛ كما في القاموس. أو العريض؛ كما في المصباح. ولا خلف "ثم أقبل إلى إساف" بكسر الهمزة وفتح المهملة مخففة، "ونائلة" بنون فألف فتحتية، "صنمين عند الكعبة" قال هشام الكلبي في كتاب الأصنام: إساف رجل من جرهم، يقال له: إساف بن يعلى ونائلة بنت زيد من جرهم، وكان يتعشقها في أرض اليمن فحجا فدخلا الكعبة فوجدا غفلة من الناس وخلوة من البيت ففجر بها فيه فمسخا فأصبحوا فوجدوهما ممسوخين فوضعوهما ليتعظ بهما الناس، فلما طال مكثهما وعبدت الأصنام عبدا معها، "تذبح وتنحر عندهما النسائك، فقام إليه سادة قريش" وعند ابن إسحاق وغيره: فقامت إليه قريش في أنديتها، "فقالوا: ما تريد أن تصنع؟ " فلعل السادة هم الذين بدءوا بالقيام والقول فتبعوهم، وفي ابن إسحاق، فقالت له قريش وبنوه: والله لا تذبحه أبدًا حتى تعذر، ولا يشكل بقوله قبله: فأطاعوه؛ كقول المصنف: إنا نطيعك فمن تذبح منا؛ لأنهم وافقوه أولا ثم وافقوا قريشًا في طلب الأعذار، ووقع في الشامية أن العباس جذب عبد الله من تحت رجل أبيه حين وضعها عليه ليذبحه، فيقال: إنه شبح وجهه شبحة لم تزل فيه حتى مات. ا. هـ. ولا يصح؛ لأن العباس إنما ولد بعد هذه القصة، إلا أن يقال على بعد شاركه في اسمه غيره من بني إخوته.
"فقال: أوفي بنذري" بضم الهمزة وسكون الواو ففاء خفيفة، أو بفتح الواو وشدة الفاء، يقال: أوفى ووفى بمعنى، "فقالوا: لا ندعك تذبحه حتى تعذر" بضم فسكون من الإعذار، يقال: أعذر إذا أبدى العذر، والمراد حتى تطلب عذرًا "فيه" في ذبحه "إلى ربك" بأن تسأل الكاهنة، فإنها إن ذكرت أنه يذبح كان عذرًا عندهم، "ولئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتي بابنه فيذبحه" فما بقاء الناس على هذا، وقال المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم: وكان عبد الله بن أخت القوم، والله لا تذبحه أبدًا حتى تعذر فيه، فإن كان فداؤه بأموالنا فديناه، هكذا في ابن إسحاق. "وتكون سنة" أي: طريقة مستمرة في قومك؛ لأنك رئيسهم فيقتدون بك "وقالوا له: انطلق إلى فلانة الكاهنة" وعند ابن إسحاق وأتباعه: وانطلق إلى الحجاز فإن به عرافة لها تابع من الجن وهو بتقدير مضاف، أي: أحد أرض الحجاز، فلا يخالفه قول القاموس الحجاز مكة والمدينة والطائف.

<<  <  ج: ص:  >  >>