للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وايم الله إن كان للإمارة لخليقا، وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إليَّ، فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم"، ثم نزل عن المنبر فدخل بيته. وذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول سنة إحدى عشرة.

وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون


لأنهما من الموالي والعرب لا ترى تأميرهم وتستنكف عن اتباعهم كل الاستنكاف. فلما جاء الله بالإسلام ورفع قدر من لم يكن عندهم له قدر بالسابقة، والهجرة والعلم والتقى عرف حقهم أهل الدين، فأما المرتهنون بالعادة، والممتحنون بحب الرياسة من الأعراب ورؤساء القبائل، فلم يختلج في صدورهم شيء من ذلك لا سيما أهل النفاق، فكانوا يسارعون إلى الطعن وشدة النكير، وكان صلى الله عليه وسلم قد بعث زيدا على عدة سرايا ومؤتة أعظمها وتحت رايته نجباء الصحابة، "وايم الله" بهمزة وصل "إن كان" زيد "للإمارة لخليقا" بخاء معجمة مفتوحة وقاف، أي أهلا وحقيقا، فاللام في للإمارة على بابها، لكن الرواية عن أهل المغازي لخليقا للإمارة بتأخيرها كما في العيون، وهو الذي في الصحيح لسوابقه وقربه منه صلى الله عليه وسلم وقد روى النسائي عن عائشة: ما بعث صلى الله عليه وسم زيد بن حارثة في جيش قط إلا أمره عليهم، "وإن ابنه ن بعده لخليق" جدير وحقيق، وضمنه معنى أهل، فعداه باللام في "للإمارة" فلا يرد أن خليق يتعدى بالباء، ولذا أمره في مرضه على مشيخة الصحابة وفضلائهم، وكأنه رأى في ذلك سوى ما توسم أنه من النجابة، أي يمهد الأرض، ويوطئه لمن يلي الأمر بعده لئلا ينزع أحد يدا من طاعته، وليعلم كل أن العادات الجاهلية قد عميت مسالكها وخفيت معالمها. قال التوربشتي "وإن" مخففة من الثقيلة "كان" زيد "لمن أحب الناس إليَّ".
زاد في رواية الصحيح "وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ بعده" فكان حذفها هنا من تصرف الرواة وفي العيون وأنهما لمخيلان لكل خير، بفتح الميم، وكسر المعجمة وسكون التحتية أي لمظنة وهذه القطعة مما أورده أهل المغازي صحيحة.
روى الإمام مالك ومن طريقه البخاري عن ابن عمر: أنه صلى الله عليه وسلم بعث بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد فطعن الناس في إمارته فقام صلى الله عليه وسلم فقال: "إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل وايم الله إن كان لخليقا للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إليَّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ بعده" "فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم" فيه منقبة ظاهرة لأسامة وأبيه حيث أذاع فضائلهما على المنبر مع تلبسه بالمرض وكونه عاصبا رأسا وأمره بالوصية لأسامة ونصه لي أنه من الخيار "ثم نزل عن المنبر، فدخل بيته، وذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول سنة إحدى عشرة. وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون

<<  <  ج: ص:  >  >>